قال المقريزى: وكان غير مشكور السّيرة ظالما عسوفا مع كبر وجبروت، فأراح الله منه.
وفيها قتل الأمير الكبير سيف الدين «١» ألطنبغا بن عبد الله القرمشىّ الظاهرىّ أتابك العساكر بالديار المصريّة فى خامس عشر «٢» جمادى الأولى بقلعة دمشق بسيف الأمير ططر حسبما تقدّم ذكر القبض عليه، وكان القرمشىّ من محاسن الدنيا لما اشتمل عليه من السؤدد، وكان أصله من مماليك الظاهر برقوق، وترقى فى الدّولة الناصرية [فرج]«٣» إلى أن صار من جملة أمراء البلاد الشاميّة، ثمّ انضم على الأمير شيخ ولم يبرح عنه فى السّرّاء «٤» والضراء إلى أن ملك الديار المصريّة، فولاه نيابة صفد، ثم الأمير آخوريّة الكبرى، ثم نقله إلى الأتابكية بديار مصر بعد انتقال ألطنبغا العثمانى إلى نيابة دمشق بعد خروج قانى باى المحمدى عن الطاعة، فدام على ذلك إلى أن جرّده الملك المؤيّد [شيخ]«٥» إلى البلاد الشاميّة وصحبته جماعة من مقدّمى الألوف تقدّم ذكرهم فى عدّة مواضع من ترجمة الملك المظفّر [أحمد]«٦» والملك الظاهر ططر، ولمّا أشرف الملك المؤيّد [شيخ]«٧» على الموت عهد لولده أحمد بالملك وجعل القرمشىّ هذا أتابكه لثقته به من أنّه كان يفعل مع ولده كما فعل الأتابك يلبغا العمرىّ مع أولاد السلاطين، ولم يتسلطن أبدا؛ فإنه كان من جنس يلبغا- أعنى أنه كان تركىّ الجنس- فوثب الأمير ططر على الأمر حسبما حكيناه، وخرج بالملك المظفّر أحمد إلى دمشق، فأطاعه القرمشىّ المذكور وقد قنع بأن يكون فى نيابة دمشق فلم يكذّب ططر الخبر وقبض عليه من وقته وحبسه بقلعة دمشق ثم قتله.
قلت: أمّا القبض عليه فيمكن ططر الاعتذار عنه، وأما قتله فلا أقبل له فيه عذرا؛