فى يوم الاثنين سادس عشرين صفر من سنة ست وعشرين وثمانمائة، وطلع إلى القلعة فأكرمه السلطان.
وخلع على الأمير قصروه من تمراز الأمير آخور الكبير باستقراره فى نيابة طرابلس عوضا عن إينال النوروزى المقدّم ذكره، وأنعم على الأمير إينال المذكور بإقطاع الأمير قصروه، وإينال المذكور هو صهرى زوج كريمتى، وأخذ الأمير قصروه فى إصلاح شأنه إلى أن خلع السلطان عليه خلعة السّفر فى يوم ثانى عشر صفر، وخرج من يومه ولم يستقر أحد فى الأمير آخورية الكبرى.
ثم فى يوم الثلاثاء خامس عشرين شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين ثارت ريح مريسية «١» طول النهار، فلما كان قبل الغروب بنحو ساعة ظهر فى السماء صفرة من عند غروب الشمس كست الجو والجدران والأرض بالصفرة، ثم أظلم الجو حتى صار النهار مثل وقت العتمة، فما بقى أحد إلا واشتد فزعه، ولهجت العامة بأن القيامة تقوم.
فلمّا كان بعد ساعة وهو وقت الغروب أخذ الظلام ينجلى قليلا قليلا ويعقبه ريح عاصف [حتى]«٢» كادت المبانى تتساقط منه، وتمادى ذلك طول ليلة الأربعاء، فرأى الناس أمرا مهولا مزعجا من شدّة هبوب الرّياح والظّلمة التى كانت فى النهار، وعمّت هذه الظلمة أرض مصر حتى وصلت دمياط والإسكندرية وجميع الوجه البحرى وبعض بلاد الصّعيد، ورأى بعض من يظنّ به الخير والصلاح فى منامه كأن قائلا يقول له: لولا شفاعة رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- لأهل مصر لأهلكت هذه الريح الناس، لكنه شفع فيهم فحصل اللطف. قلت: لم أر قبلها مثلها ولا بعدها [مثلها]«٣» ، وكان هذا اليوم من الأيام المهولة التى لم يدركها أحد من الطاعنين فى السّن- انتهى.