ثمّ فى يوم الاثنين ثانى شهر ربيع الآخر ركب السلطان من قلعة الجبل وعدّى النيل إلى برّ الجيزة، وأقام بناحية وسيم- حيث مربط الخيول على الرّبيع- بأمرائه ومماليكه يتنزه، وأقام به سبعة أيّام والخدمة تعمل هناك إلى أن عاد فى تاسعه، وأقام بالقلعة إلى يوم الخميس سادس عشرين [شهر]«١» ربيع الآخر المذكور فوصل فيه الأمير تنبك البجاسىّ «٢» نائب حلب إلى القاهرة وطلع إلى السلطان، وقبّل الأرض بين يديه على ما قرّره الملك الأشرف فى أوّل سلطنته، ثم خلع السلطان عليه خلعة الاستمرار وأنزله بمكان ورتّب له ما يليق به، وأقام تنبك إلى يوم الخميس ثالث جمادى الأولى، وخلع السلطان عليه خلعة السّفر، وخرج من يومه إلى محلّ كفالته بحلب.
ثم فى يوم الاثنين رابع عشر جمادى الأولى المذكورة خلع السلطان على الأمير جقمق «٣» العلائى حاجب الحجّاب باستقراره أمير آخور [كبيرا]«٤» عوضا عن قصروه المنتقل إلى نيابة طرابلس، وكانت شاغرة من يوم ولى قصروه نيابة طرابلس إلى يومنا هذا.
ثم ورد الخبر فى جمادى الآخرة بعظم الوباء بدمشق، وأنه وصل إلى غزّة، واستمرّ السلطان ولم يكن عنده ما يشوّش عليه فى جميع أشيائه إلى أن كان يوم الجمعة سابع شعبان ورد الخبر على السلطان بأنّ الأمير الكبير جانى بك الصّوفى فرّ «٥» من الإسكندرية من البرج الذي كان مسجونا به، وخرج من الثّغر المذكور ولم يفطن به أحد، فلمّا سمع السلطان هذا الخبر كادت نفسه أن تزهق، وقامت قيامته، ومن يومئذ حلّ بالناس من البلاء والعقوبات والهجم على البيوت ما سنذكره فى طول سلطنته،