وتنغّص عيش الأشرف من يوم بلغه الخبر، واستوحش من جماعة كبيرة من أمرائه، وأمسكهم ونفى منهم آخرين- حسبما نذكر ذلك كلّه فى وقته.
ثم فى يوم الخميس العشرين من شعبان خلع السلطان على الأمير جرباش الكريمىّ المعروف بقاشق باستقراره حاجب الحجّاب بالدّيار المصرية عوضا عن جقمق العلائى بحكم انتقال جقمق أمير آخور كبيرا، وكانت الحجوبيّة شاغرة عن جقمق من يوم ولى الأمير آخورية.
وفيه رسم السلطان بانتقال الأمير تنبك البجاسىّ نائب حلب إلى نيابة دمشق «١» عوضا عن الأمير تنبك ميق بحكم وفاته، واستقر الأمير جار قطلو الظاهرىّ نائب حماة «٢» فى نيابة حلب عوضا عن تنبك البجاسىّ، وكان جار قطلو أيضا ولى نيابة حماة عن تنبك البجاسىّ كما تقدّم ذكره؛ وكذا وقع أيضا فى الدّولة المؤيّدية أنه بعد عصيان تنبك البجاسىّ مع قانى باى نائب الشّام وتوجّهه إلى بلاد الشّرق ولى جار قطلو نيابة حماة بعده أيضا، والعجب أن جارقطلو كان أغاة تنبك البجاسىّ، فكانا إذا اجتمعا فى مهمّ سلطانى لا يجلس تنبك البجاسى من ناحية جار قطلو لئلا يجلس فوقه حياء منه- انتهى.
وتولى الأمير جلبّان أمير آخور المؤيّد- وهو يوم ذاك أحد مقدّمى الألوف بدمشق- نيابة حماة عوضا عن جارقطلو، وتوجّه الأمير جانى بك الخازندار الأشرفىّ «٣» فى ثامن عشرين شعبان المذكور بتقاليد المذكورين وتشاريفهم الجميع، وكان هذا الأمر يتوجه فيه ثلاثة من أعيان الأمراء، فأضاف الأشرف جميع ذلك لجانى بك، كونه كان خصّيصا عنده ربّاه من أيام إمرته، فعاد إلى مصر ومعه من الأموال جملة مستكثرة.