وتأخّر الأمير قرقماس الشّعبانى بالينبع، وأرسل يطلب عسكرا ليقاتل به الشّريف حسن بن عجلان صاحب مكّة ويستقرّ عوضه فى إمرة مكّة، فنودى على المماليك البطّالة وعيّن منهم جماعة مع حسين الكردى الكاشف ليتوجّه بهم إلى مكة.
هذا وقد اشتغل سر السلطان «١» بما أشيع من عصيان الأمير تنبك البجاسىّ نائب دمشق، وصار خبر الإشاعة عنده هو الأهمّ، وأخذ يدبّر فى القبض عليه قبل أن يستفحل أمره، وكتب عدّة ملطّفات لأمراء دمشق بالقبض عليه، هذا وقد قوى عند الملك الأشرف خروجه عن الطاعة، وبادر وخلع على الأمير «٢» سودون من عبد الرحمن الدّوادار فى يوم الاثنين ثالث عشرين المحرّم باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن تنبك البجاسىّ، فلبس سودون من عبد الرحمن الخلعة ونزل من القلعة سائرا إلى دمشق على جرائد الخيل، ولم يدخل إلى داره، وسار سودون من عبد الرحمن إلى جهة دمشق وقد تقدّمته الملطّفات بمسك تنبك المذكور، فلما وقف أمراء دمشق على الملطّفات، اتّفقوا الجميع وركبوا بمن معهم وأتوادار السّعادة فى ليلة الجمعة رابع صفر، واستدعوا الأمير تنبك البجاسى المذكور ليقرأ كتاب السلطان، فعلم بما هو القصد وخرج من باب السّرّ- وعليه السلاح- فى جميع مماليكه وحواشيه، فأقبلوا عليه الأمراء وقاتلوه حتى مضى صدر من نهار الجمعة المذكور، ثم انهزموا منه أقبح هزيمة وتشتت شملهم، فتحصّن منهم طائفة بقلعة دمشق، ومضى منهم آخرون إلى الأمير سودون من عبد الرحمن، فوافوه وهو نازل على صفد، واستولى تنبك المذكور على دمشق وقوى بأسه، وكان انضمّ عليه من أمراء دمشق الأمير قرمش الأعور المقدّم ذكره من أصحاب جانى بك الصّوفىّ، والأمير تمراز المؤيّدى الخازندار وغيرهما من أمراء دمشق، ثم تجهّز تنبك البجاسىّ هو وأصحابه لمّا بلغهم قدوم سودون من عبد الرحمن، وخرج من دمشق بجموعه فى أسرع وقت، وسار حتى وافى الأمير