سودون من عبد الرحمن وهو نازل على جسر يعقوب «١» فى يوم الجمعة حادى عشر صفر وقد قطع سودون من عبد الرحمن الجسر لئلا يصل إليه تنبك المذكور، وكان سودون لما خرج من مصر بمماليكه وسار إلى جهة دمشق حتى نزل على صفد وافاه الأمير مقبل الحسامى نائب صفد بعساكر صفد وسارا معا حتى نزلا جسر يعقوب، فلمّا بلغ سودون مجىء تنبك إليه جبن عن قتاله وقطع الجسر، فقدم تنبك فلم يجد سبيلا لقتال سودون فبات كل منهما من جهة، وكلاهما لا يصل إلى الآخر بسوء، فبانوا يتحارسون إلى الصباح.
فلما أصبح يوم السبت ثانى عشر صفر شرعوا يترامون بالنّشّاب نهارهم كله حتى حجز الليل بينهم، فباتوا ليلة الأحد على تعبئتهم وقد قوى أمر تنبك، وأصبح الأمير تنبك فى يوم الأحد ثالث عشره راحلا إلى جهة الصّبيبة فى انتظار ابن بشارة أن يأتيه بجموعه، وقد أرصد جماعة لسودون من عبد الرحمن بوطاقه، فكتب سودون من عبد الرحمن بذلك إلى السلطان.
ثم ركب بمن معه على جرائد الخيل وقصد مدينة دمشق وترك الأثقال فى مواضعها مع نائب القدس يوهم عسكر تنبك البجاسىّ أنه مقيم بمكانه، وساق حتى دخل دمشق فى يوم الأربعاء سادس عشر صفر المذكور وملك المدينة وتمكّن من قلعة دمشق، وبلغ الأمير تنبك البجاسىّ ذلك فركب من وقته وساق حتى وافى سودون من عبد الرحمن بدمشق من يومه، وبلغ سودون قدومه فخرج إليه وتلقّاه بمن معه من عساكر دمشق بباب الجابية وقاتلوه فثبت لهم تنبك البجاسىّ مع قلّة عسكره وكثرة عساكرهم، وقاتلهم أشد قتال والرّمى ينزل عليه من قلعة دمشق، وهو مع ذلك يظهر التجلّد إلى أن حرّك فرسه فى غرض له فأصابه ضربة على كتفه حلّته فتقنطر عند ذلك عن فرسه، فتكاثروا عليه وأخذوه أسيرا إلى قلعة دمشق ومعه نحو