عشرين من أصحابه، وفرّ من كان معه من الأمراء إلى حال سبيلهم، وكتب الأمير سودون من عبد الرحمن فى الحال بجميع ذلك إلى السلطان.
وأما الملك الأشرف فإنه بعد خروج سودون من عبد الرحمن أخذ ينتظر ما يرد عليه من الأخبار فى أمر تنبك، فقدم عليه كتاب سودون من عبد الرحمن من جسر يعقوب أوّلا فى يوم الأحد عشرين صفر فعظم عليه هذا الخبر، وعزم على سفر الشام، واضطرب الناس ووقع الشّروع فى حركة السّفر، وأحضرت خيول كثيرة من مرابطها من الرّبيع، وبينما الناس فى ذلك قدم كتاب سودون من عبد الرحمن الثانى من دمشق يتضمن النّصر على تنبك البجاسىّ والقبض عليه وحبسه بقلعة دمشق فسرّ السلطان بذلك غاية السرور ودقت البشائر، وكتب بقتل تنبك البجاسى وحمل رأسه إلى مصر وبالحوطة على موجوده، وتتبّع حواشيه ومن كان معه من أمراء دمشق، وهدأ سرّ السلطان من جهة دمشق، وبطلت حركة السّفر، والتفت إلى ما كان عليه أوّلا من الفحص على جانى بك الصّوفىّ.
فلما كان سابع عشرين صفر المذكور نودى بالقاهرة ومصر على جانى بك الصّوفىّ ووعد من أحضره إلى السلطان بألف دينار، وإن كان جنديا بإمرة عشرة، وهدّد من أخفاه وظهر عنده بعد ذلك بإحراق الحارة التى هو ساكن بها، وحلف المنادى على كل واحدة مما ذكرنا يمينا عن السلطان، هذا بعد أن قوى عند السلطان الملك الأشرف أن جانى بك الصوفىّ مختف بالقاهرة، ولو كان بالبلاد الشامية لظهر وانضمّ مع تنبك البجاسى، وهو قياس صحيح.
ثم التفت السلطان أيضا إلى أمر مكة، فلما كان يوم الجمعة ثانى شهر ربيع الأول نودى بالقاهرة بالخروج إلى حرب مكة المشرفة، فاستشنع الناس هذه العبارة، ثم عيّن جماعة من المماليك السلطانية وأنفق على كل واحد منهم أربعين دينارا.
ثم فى حادى عشرين شهر ربيع الأوّل قدم رأس الأمير تنبك البجاسىّ إلى القاهرة فطيف بها على رمح، ثم علّقت على باب النّصر أيّاما.