السلطان يسأل من جانى بك عندما حضر هو والأمراء عمّا وصل إليهم وإليه، فما هو إلا أن طلع ابن حجّى إنى القلعة حصل بينهما مفاحشات ومقابحات آلت إلى غضب السلطان والنصرة لمملوكه جانى بك فقبض عليه.
وله سبب آخر خفىّ؛ وهو أن السلطان استدعى الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام بكتاب عبد الباسط، فلمّا وقعت بطاقة سودون من عبد الرحمن سأل ابن حجّى: لم جاء نائب الشام؟ فقيل له بطلب من السلطان، فقال: أنا لم أكتب له عن السلطان بالمجىء، فقال عبد الباسط: أنا كتبت له، فحنق نجم الدين لمّا سمع هذا الكلام وخاشن عبد الباسط باللّفظ، وقال له: اعمل أنت كاتب السّرّ ونظر الجيش معا، ثم أخذ يخاشنه بالكلام استخفافا به لمعرفته به قديما؛ لأن ابن حجّى كان معدودا من أعيان دمشق وعبد الباسط يوم ذاك بخدمة ابن الشهاب محمود، فأسرّها عبد الباسط فى نفسه، وعلم أنه متى طالت يده ربما يقع منه فى حقّه ما يكره، فأخذ يدبّر عليه حتّى غيّر خاطر الأمير جانى بك عليه وتأكدت العداوة بينهما، ووقع ما حكيناه.
واستمرّ ابن حجّى فى البرج من قلعة الجبل إلى ليلة الثلاثاء ثالث عشر جمادى الآخرة من سنة ثمان وعشرين المذكورة، وأخرج من البرج فى الحديد وحمل إلى دمشق حتى يكشف بها عن سيرته، ويأخذ ابن حجى فى تجهيز ما بقى عليه من المال، وكتب فى حقه لنائب الشام، ولقضاة دمشق بعظائم مستشنعة هو برىء عن غالبها.
ثم فى يوم الاثنين ثامن عشره خلع السلطان على القاضى بدر الدين «١» محمد ابن مزهر نائب كاتب السّرّ باستقراره فى كتابة السّرّ عوضا عن نجم الدين ابن حجى المذكور.
وخلع السلطان أيضا على تاج الدين عبد الوهاب الأسلمى المعروف بالخطير