باستقراره فى نظر الإسطبل السلطانى عوضا عن ابن مزهر، وكان الخطير المذكور قريب عهد بالإسلام، وله قدم فى دين النصرانية، وكان يباشر عند الملك الأشرف فى أيام إمرته فرقّاه إلى هذه الوظيفة، وبعد أن كان يخاطب بالشيخ الخطير صار ينعت بالقاضى، فيشترك هو وقضاة الشرع الشريف فى هذا الاسم، وقد تداول هذا البلاء بالمملكة قديما وحديثا، وأنا لا ألوم الملوك فى تقديم هؤلاء لأنهم محتاجون إليهم لمعرفتهم لأنواع المباشرة، غير أننى أقول: كان يمكن الملك أنه إذا رقّى واحدا من هؤلاء إلى رتبة من الرّتب لا ينعته بالقاضى وينعته بالرئيس أو بالكاتب أو مثل ولى الدّولة وسعد الدّولة وما أشبه ذلك، ويدع لفظة قاض لقضاة الشرع ولكاتب السّرّ وناظر الجيش ولفضلاء المسلمين، ليعطى كل واحد حقه فى شهرته والتعريف به، وقد عيب هذا على مصر قديما [وحديثا]«١» فقال بعضهم: قاضيها مسلمانى، وشيخها نصرانى، وحجها غوانى، قلت: فإن كانت ألفاظ هذه الحكاية خالية من البلاغة فهى قريبة مما نحن فيه.
والخطير [هذا «٢» ] إلى الآن فى قيد الحياة وقد كبر سنّة وهرم بعد ما ولى الوزر بديار مصر ثم نظر الدولة، وهو مع ذلك عليه من الغلاسة، وعدم النورانية، وفقد الحشمة، وقلة الطلاوة [ما لا يعبر عنه]«٣» ، وقد تخومل ولزم داره سنين طويلة من يوم صادره الملك الظاهر جقمق وحطّ قدره، فعد ذلك من حسنات الملك الظاهر- رحمه الله تعالى.
وفى هذا الشهر أخذ السلطان فى تجهيز «٤» الغزاة، وعين جماعة كبيرة من المماليك السلطانية والأمراء، وألزم كل أمير أيضا أن يجهز عشرة مماليك من مماليكه، ونجز عمل الطرائد «٥» والأغربة،