ثم فى آخر هذا الشهر أفرج السلطان عن الأمير الكبير طرباى من سجنه «١» بالإسكندرية، ونقل إلى القدس الشريف بطالا ليقيم به غير مضيّق عليه بعد أن أنعم عليه بألف دينار، وكان الإفراج عن طرباى بخلاف ما كان فى ظن الناس، وعدّ ذلك من محاسن الملك الأشرف، كون طرباى المذكور كان عانده فى الملك، وكونه أيضا من عظماء الملوك وأكابر المماليك الظاهريّة [برقوق]«٢» ممّن يخاف منه، فلم يلتفت الأشرف إلى هذا كله وأفرج عنه لما كان بينهما من الود القديم والصّحبة من مبادئ أمرهما.
ثم فى يوم الثلاثاء ثامن شهر رمضان المذكور أمسك السلطان الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله الأستادار، وأمسك معه ولده الأمير صلاح الدين محمد المعزول عن الأستادارية بأبيه المذكور، وعوّقا بالقلعة أربعة أيام، ثم نزلا على أنهما يقومان بنفقة الجامكية شهرا وعليقه، وكانت الجامكية يوم ذاك كل شهر ثلاثين ألف دينار.
ثم فى يوم الخميس عاشره خلع السلطان على زين الدين عبد القادر ابن فخر الدين حسن بن نصر الله.
ثم فى رابع عشره خلع السلطان على جمال الدين يوسف بن الصّفّى الكركى المعزول عن كتابة سرّ دمشق عوضا عن بدر الدين حسين.
وفى يوم الثلاثاء ثانى عشرين شهر رمضان- الموافق لرابع عشر مسرى- أوفى النيل ستة عشر ذراعا، ونزل المقام الناصرى محمد [بن السلطان]«٣» لتخليق المقياس وفتح خليج السد على العادة، ونزل معه الملك الصالح محمد ابن الملك الظاهر ططر، وحضر تخليق المقياس، وفتح الخليج- فتعجب الناس لنزوله مع ابن السلطان بعد خلعه من ملك مصر حسبما تقدّم.