للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وكان قصد الأشرف برسباى بركوب الملك الصالح [محمد] «١» هذا مع ولده انبساط الصالح- كونه كان كالمحجور عليه بقلعة الجبل- وتنزّهه، لا كما زعم بعض الناس أنّه يريد بذلك مشيه فى خدمة ولده وازدراءه، كل ذلك وخاطر السلطان مشغول بأمر جانى بك الصوفى، والفحص عنه مستمر؛ غير أن السلطان يتشاغل بشىء بعد شىء، وهو الآن مشغول الفكرة فى أمر المجاهدين لا يبرح يترقب أخبارهم إلى أن كان يوم الخميس تاسع شوّال ورد عليه الخبر من طرابلس بنصرة المسلمين على الفرنج، فدّقت البشائر [لذلك] «٢» بقلعة الجبل وغيرها، وجمع القضاة وأعيان الدّيار المصرية بالجامع الأشرفى بخط العنبريين وقرىء عليهم الكتاب الوارد من طرابلس بنصرة المسلمين، فضجّ الناس وأعلنوا بالتكبير والتهليل، ونودى بزينة القاهرة ومصر، ثم قرىء الكتاب المذكور من الغد بجامع عمرو بن العاص بمصر، وبينما الناس مستبشرون فى غاية ما يكون من السّرور والفرح بنصر الله قدم الخبر فى يوم الاثنين ثالث عشر شوّال [المذكور] «٣» بوصول الغزاة المذكورين إلى الطينة، فقلق السلطان من ذلك وتنغّص فرح الناس وكثر الكلام فى أمر عودهم.

وكان من خبرهم: أنهم لما توجّهوا من ساحل بولاق إلى دمياط ساروا منه فى البحر المالح إلى مدينة طرابلس فطلعوا إليها، فانضمّ عليهم بها خلائق من المماليك والعساكر الشامية وجماعة كبيرة من المطوعة إلى أن رحلوا عن طرابلس فى بضع وأربعين مركبا، وساروا إلى جهة الماغوصة، فنزلوا عليها بأجمعهم وخيموا فى برها الغربى، وقد أظهر متملك الماغوصة طاعة السلطان وعرفهم تهيؤ صاحب قبرس واستعداده لقتالهم وحربهم، فاستعدوا وأخذوا حذرهم وباتوا بمخيمهم على الماغوصة، وهى ليلة الأحد العشرين من شهر رمضان، وأصبحوا يوم الاثنين شنّوا الغارات على ما بغربى قبرس من الضياع،