شرعت الصنّاع فى إصلاحه، فتشاور مع الأمراء فأجمع الجميع على السّفر، فعند ذلك جمع الأمير جرباش الصّنّاع وأصلح جميع ما كان بالمراكب من الخلل إلى أن تمّ أمرهم، فركبوا وساروا على بركة الله وعونه، وعاد الأمير جرباش وأخبر السلطان بذلك فسكن ما كان به.
وكان قبل قدوم جرباش أو بعد قدومه فى يوم الثلاثاء خامس شعبان ورد الخبر على السلطان بأن طائفة من غزاة المسلمين من العسكر السلطانى لمّا ساروا من رشيد إلى الإسكندرية صدفوا فى مسيرهم أربع قطع من مراكب الفرنج وهم قاصدون «١» ثغر الإسكندرية فكتب المسلمون لمن فى رشيد من بقيّة الغزاة بسرعة إلحاقهم ليكونوا يدا واحدة على قتال الفرنج المذكورين، وتقاربوا من مراكب الفرنج وتراموا معهم يومهم كلّه [بالنّشّاب]«٢» إلى الليل، وباتوا يتحارسون إلى الصباح، فاقتتلوا أيضا باكر النهار، وبينماهم فى القتال وصل بقيّة الغزاة من رشيد، فلما رآهم الفرنج ولّوا الأدبار بعد ما استشهد من المسلمين عشر نفر، وساروا حتى اجتمعوا بمن تقدّمهم من الغزاة من ثغر الإسكندرية، وسافر الجميع معا يريدون قبرس فى يوم الأربعاء العشرين من شعبان، إلى أن وصلوا إلى قلعة اللّمسون فى أخريات شعبان المقدم ذكره، فبلغهم أن صاحب جزيرة قبرس قد استعدّ لقتالهم، وجمع جموعا كثيرة، وأنه أقام بمدينة الأفقسيّة «٣» - وهى مدينة قبرس- وعزم على لقاء المسلمين، فأرسلوا بهذا الخبر إلى السلطان، ثم انقطعت أخبارهم عن السلطان إلى ما يأتى ذكره.
وفى يوم السبت رابع عشر شهر رمضان خلع السلطان على الأمير يشبك السّاقى الأعرج أمير سلاح باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن الأمير قجق