وأمّا ما وعدنا بذكره من قول المقريزى فى سبب مسك تغرى بردى المذكور قال: وهذا المحمودى من جملة مماليك الملك الناصر فرج، فلما قتل [فرج]«١» خدم عند [الأمير]«٢» نوروز الحافظىّ بدمشق، وصار له ميزة عنده، فلما قتل نوروز سجنه الملك المؤيّد شيخ بقلعة المرقب، فما زال محبوسا بها حتى تنكّر المؤيّد على الأمير برسباى الدّقماقى نائب طرابلس وسجنه بالمرقب مع المحمودى، وإينال الشّشمانىّ، فرأى تغرى بردى المحمودى فى ليلة من الليالى مناما يدلّ على أن برسباى يتسلطن، فأعلمه به، فعاهده على أن يقدّمه إذا تسلطن ولا يعترضه بمكروه، فلمّا كان من سلطنة الملك الأشرف برسباى ما كان، وتقدمته للمحمودى فيما مضى، وتمادى الحال إلى أن بات بالقصر على عادته، فقال لبعض من يثق به من المماليك ما تقدّم من منامه بالمرقب وأنه وقع كما رأى [وأنه]«٣» أيضا رأى مناما يدلّ على أنه يتسلطن ولا بدّ، فوشى ذلك المملوك به للسلطان فحرّك منه كوامن، منها: أنه صار يقول لما حججنا أحضرت ابن عجلان، ولما مضيت إلى قبرس أسرت ملكها، أين كان الأشرف حتى يقال هذا بسعده؟ والله ما كان هذا إلا بسعدى، وتنقل كل ذلك إلى السلطان- انتهى كلام المقريزى بتمامه.
ثم فى يوم الاثنين أوّل شهر رجب قدم الخبر على السلطان بموت الملك المنصور عبد الله ابن الملك الناصر أحمد صاحب اليمن، وأن أخاه ملك بعده ولقّب بالأشرف إسماعيل.
ثم فى يوم الاثنين ثامن شهر رجب قدم الأمير جار قطلو المعزول عن نيابة حلب إلى القاهرة، وطلع إلى القلعة، وقبّل الأرض فخلع عليه السلطان باستقراره أمير مجلس عوضا عن جرباش قاشق بحكم انتقال جرباش إلى نيابة طرابلس حسبما تقدم ذكره.