ثم فى يوم الخميس خامس جمادى الآخرة خلع السلطان على جينوس بن جاك متملّك قبرس خلعة السّفر.
ثم فى يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة المذكورة أمسك السلطان الأمير تغرى بردى المحمودىّ رأس نوبة النّوب بعد فراغه من لعب الكرة بالحوش السلطانى، فقبض على تغرى بردى «١» المذكور وهو بقماش لعب الكرة، وقيّد وأخرج من يومه إلى سجن الإسكندرية، ولم يعلم أحد ذنبه عند السلطان حتى ولا تغرى بردى المذكور؛ فإنى سألته فيما بعد فقال: لا أعلم على ماذا أمسكت، غير أن المقريزى ذكر أنه له ذنوب وأسباب فى مسكه نذكرها بعد أن نذكر قصّة مباشره.
واتّفق فى مسكه حادثة غريبة، وهو أن رجلا من مباشريه يقال له ابن الشّاميّة كان بخدمته، فلمّا بلغه القبض عليه شقّ عليه ذلك، وخرج إلى جهة القلعة ليسلّم عليه فوافى نزوله من القلعة مقيّدا إلى الإسكندرية، فصار يصيح ويبكى ويستغيث وهو ماش معه حتى وصل إلى ساحل النّيل، ووقف حتى أحدر أستاذه تغرى بردى المحمودى فى الحرّاقة إلى جهة الإسكندرية، فلمّا عاين سفره اشتد صراخه إلى أن سقط ميتا، فحمل إلى داره وغسّل وكفّن ودفن.
ثم خلع السلطان على الأمير أركماس «٢» الظاهرى باستقراره رأس نوبة النّوب عوضا عن تغرى بردى المذكور، وأنعم عليه بإقطاعه أيضا، وأنعم بإقطاع أركماس المذكور وتقدمته على الأمير قانى باى الأبوبكريّ الناصرىّ المعروف بالبهلوان ثانى رأس نوبة، وأنعم بطبلخانات قانى باى على سودون ميق الأمير آخور الثانى، وخلع على الأمير إينال العلائى الناصرى باستقراره رأس نوبة ثانيا عوضا عن قانى باى البهلوان المذكور، وإينال «٣» هذا هو الملك الأشرف إينال سلطان زماننا.