فلما أصبح يوم الجمعة عاشره اجتمع بدار العدل التّرك والعبيد وطلبوا بنى زياد وبنى السنبلى والخدّام وسائر أمراء الدّولة والأعيان، فلما تكامل جمعهم وقع بينهم الكلام فيمن يقيمونه، فقال بنو زياد: وما ثمّ غير يحيى فاطلعوا له هذه الساعة، فقام الأمير زين الدين جيّاش الكاملى والأمير برقوق وطلعا إلى تعبات فى جماعة من الخدّام والأجناد فإذا الأبواب مغلقة، فصاحوا بصاحب البلد حتى فتح لهم، ودخلوا إلى القصر وسلّموا على الظاهر يحيى بالسلطنة، وسألوه أن ينزل معهم إلى دار العدل، فقال: حتى يصل العسكر أجمع، ففكّوا القيد من رجليه، وطلبوا العسكر بأسرهم، فطلعوا بأجمعهم وأطلعوا معهم بعشرة جنائب، فتقدّم الترك والعبيد وقالوا للظاهر:
لا نبايعك حتى تحلف لنا أنّك لا يحدث علينا منك شىء بسبب هذه الفعلة ولا ما سبق قبلها، فحلف لهم وهم يردّدون عليه الأيمان، وذلك بحضرة قاضى القضاة موفّق الدين على بن الناشرى، ثم حلفوا له على ما يحبّ ويختار، فلما انقضى الحلف وتكامل العسكر ركب ونزل إلى دار العدل بأبهة السلطنة، ودخلها بعد صلاة الجمعة، فكان يوما مشهودا، وعندما استقرّ بالدار أمر بإرسال ابن أخيه الأشرف إسماعيل إلى تعبات فطلعوا به وقيّدوه بالقيد الذي كان الظّاهر يحيى مقيّدا به وسجنوه بالدّار التى كان [الظاهر مسجونا]«١» بها، ثم حمل بعد أيّام إلى الدّملوة «٢» ومعه أمّه وجاريته، وأنعم السلطان على أخيه الملك الأفضل عباس بما كان له، وخلع عليه وجعله نائب السلطنة كما كان أوّل دولة الناصر وخمدت الفتنة.
وكان الذي حرّك هذه الفتنة بنو زياد، فقام أحمد بن محمد بن زياد الكاملى بأعباء هذه الفتنة لحنقه من الوزير ابن العلوى، فإنه كان قد مالأ على قتل أخيه جيّاش وخذّل عن الأخذ بثأره، وصار يمتهن «٣» بنى زياد، ثم ألزم الوزير ابن العلوى وابن الحسام