على الميسرة فوق الأمير إينال الجكمى أمير سلاح لما سبق له من ولايته أتابكيّة العساكر بالديار المصرية قبل تاريخه، فصار فى الحقيقة رتبته أعظم من رتبة الأمير الكبير جار قطلو بجلوسه فوق أمير سلاح؛ لأن الأمير الكبير لا يمكنه الجلوس فوق أمير سلاح إلا لضرورة، وصار بيبغا هذا دائما جلوسه فوقه، غير أن إقطاع الأمير الكبير أكثر متحصلا من إقطاعه، وأيضا لالتفات السلطان إليه، فإنه كان أكثر كلامه فى الموكب السلطانى معه فى كل تعلقات المملكة، وليس ذلك لمحبّته فيه غير أنه كان يداريه بذلك اتّقاء فحشه، وكان سبب القبض عليه أوّلا أن السلطان شكاله بعض الأجناد من ظلم كاشف التّراب، فقال الملك الأشرف: الكاشف ماله منفعة، فبادره بيبعا هذا فى الملأ وقال له: أنت ما عملت كاشف ما تعرف، فعظم ذلك على الأشرف وأسرّها فى نفسه، ثم قبض عليه، وكذا كان وقع لبيبغا المذكور مع الملك المؤيّد، حتى قبض عليه أيضا وحبسه، وكان هذا شأنه المغالظة مع الملوك فى الكلام، غير أنه كان مناصحا للملوك ظاهرا وباطنا، ولهذا كانت الملوك لا تبرح تغضب عليه ثم ترضى؛ لعلمهم بسلامة باطنه، وكان الملك الأشرف يمازحه فى بعض الأحيان، ويسلّط عليه بعض الچراكسة بأن يزدرى جنس التّتار ويعظّم الچراكسة، فإذا سمع بييغا ذلك سبّ القائل وهجر «١» عليه، وأخذ فى تفضيل الأتراك على طائفة الچراكسة فى الشّجاعة والكرم والعظمة، فيشير عليه بعض أمراء الأتراك بالكف عن ذلك، فلا يلتفت ويمعن، والملك الأشرف يضحك [من ذلك]«٢» ويساعده على غرضه حتى يسكت، وقيل إنه جلس مرّة فى مجلس أنس مع جماعة من الأمراء فأخذ بيبغا فى تعظيم ملك التّتارچنكز خان، وزاد وأمعن واخترق اختراقات عجيبة، فقال له الأمير طقز الظّاهرىّ الچركسىّ: وأيش هو چنكز خان؟ فلما سمع بيبغا ذلك أخذ الطّبر وأراد قتل طقز حقيقة، وقال له: كفرت، فأعاقه الأمراء عنه حتى قام طقز من المجلس وراح إلى حال سبيله، وقيل إنه لم يجتمع به بعد ذلك، ومع