هذا كلّه كان لجنونه طلاوة ولانحرافه حلاوة، على أنه كان من عظماء الملوك وأحسنها طريقة.
ثم فى يوم الخميس سادس ذى الحجة من سنة إحدى وثلاثين المذكورة أمسك السلطان الأمير أزبك المحمدى «١» الدّوادار الكبير، وأخرجه من ليلته بطّالا إلى القدس بعد أن قبض [السلطان]«٢» على عدّة من خاصّكيّته، ولذلك أسباب أعظمها أمر جانى بك الصّوفىّ وأشياء أخر، منها: أن فى أواخر ذى القعدة بلغ السلطان أن جماعة من مماليكه وخاصّكيّته يريدون الفتك به وقتله ليلا، فقبض على جماعة منهم السّيفى سنطباى الأشرفى وغيره فى أيّام متفرقة، ونفى جماعة منهم إلى الشام وقوص بعد أن عاقب جماعة منهم، فكثرت القالة فى ذلك، قيل إنه سأل بعضهم بأن قال: لو قتلتمونى من الذي تنصّبونه بعدى فى السلطنة؟ فقالوا: الأمير أزبك، وقيل غير ذلك، وأخذ السلطان فى الاستعداد والحذر، وسقط عليه أيضا مرارا سهام نشّاب من أطباق المماليك السلطانية، فهذا كان السبب لقبض أزبك وغيره، وأنا أقول: إن جميع ما وقع من مسك الأمراء، وضرب جماعة من الخاصّكيّة بالمقارع، ونفى بعضهم إنما هو لسبب جانى بك الصّوفى لا غير.
ثم فى يوم السبت ثامنه خلع السّلطان «٣» على الأمير أركماس الظاهرى رأس نوبة النّوب باستقراره دوادارا كبيرا عوضا عن أزبك المذكور، وخلع على الأمير تمراز القرمشىّ المعزول عن نيابة غزّة باستقراره رأس نوبة، وأنعم عليه بإقطاع أركماس المذكور، وأنعم بإقطاع تمراز الذي كان السلطان أنعم عليه به بعد مجيئه من غزّة وهو تقدمة ألف أيضا على الأمير يشبك السّودونى شاد الشراب خاناه، وأنعم بطبلخانات يشبك السّودونى على الأمير قراجا الأشرفى الخازندار، وخلع السلطان فى هذه الأيّام على صفىّ الدين جوهر السّيفى قنقباى اللّالا باستقراره خازندارا عوضا عن الأمير خشقدم