القرانيص «١» خير من ألف من هؤلاء الأجلاب، ولولا حرمة السلطان لكان صغار عبيد القاهرة كفئا لهم.
وكان سبب ذلك أنهم صاروا يضربون مباشرى الدّولة وينهبون بيوتهم، ووقع منهم فى دوران المحمل فى هذه السنة أمور شنيعة إلى الغاية، وتقاتلوا مع العبيد حتى قتل بينهما جماعة وأشياء غير ذلك، فمال السلطان إلى كلام جار قطلو وأراد مسك جماعة كبيرة منهم، ونفى آخرين، وتفرقة جماعة أخر على الأمراء، وقال: أحسب أن مائة ألف دينار ما كانت، ومتى حصل نفع المماليك المشتروات لأستاذهم أو لذرّيّته؟ فلما رأى الأمير بيبغا المظفرى ميل السلطان لكلام جار قطلو أخذ فى معارضته وردّ كلامه، فكان من جملة ما قاله: والله لولا المماليك المشتروات ما أطاعك واحد منا- وأشار بخروج جانى بك الصوفى من السجن واختفائه بالقاهرة- وخلّ عنك كلام هذا وأمثاله، وكان عبد الباسط مساعدا لجار قطلو، ثم التفت بيبغا وقال لعبد الباسط: أنت تكون سببا لزوال ملك هذا، فعند ذلك أمسك الأشرف عما كان عزم عليه لعلمه بنصيحة بيبغا المظفرىّ له، وانفض المجلس بعد أن أمرهم السلطان بكتمان ما وقع عند السلطان من الكلام، فلم يخف ذلك عن أحد، وبلغ المماليك الأشرفية فتحلّفوا لجار قطلو ولعبد الباسط ولسودون من عبد الرحمن.
فلما كان يوم الجمعة ثانى شعبان نزل المماليك الأشرفية من الأطباق إلى بيت الوزير كريم الدين بن كاتب المناخ ونهبوه لتأخر رواتبهم، وسافر فيه الأمير سودون من عبد الرحمن إلى محل كفالته، وكان السلطان أراد عزله وإبقاءه بمصر فوعد بخمسين ألف دينار حتىّ خلع عليه باستمراره، فكلّمه بعض أصحابه فى ذلك فقال: أحمل مائة ألف دينار ولا أقعد بمصر فى تهديد الأجلاب.
ثم لما كان يوم الثلاثاء سادس شعبان «٢» ثارت الفتنة بين المماليك الجلبان وبين