الأمير الكبير جارقطلو، وكان ابتداء الفتنة أنه وقع بين بعض المماليك السلطانية وبين مماليك الأمير الكبير جارقطلو وضربت الجلبان بعض مماليك جارقطلو فأخذ المملوك [يدافع]«١» عن نفسه وردّ على بعضهم وكان شجّ بعض المماليك السلطانية، فعند ذلك قامت قيامتهم، وحرّك ذلك ما كان عندهم من الكمين من أستاذهم جارقطلو، فتجمعوا على المملوك المذكور وضربوه، فهرب إلى بيت أستاذه واحتمى به، فعادت المماليك إلى إخوتهم واتفقوا على جارقطلوا، وتردّدوا إلى بابه غير مرّة، وباتت الناس على تخوّف من وقوع الفتنة لوقوع هذه القضيّة، وأصبحوا من الغد فى جمع كثير من تحت القلعة وقد اتفقوا على قتل جار قطلو ومماليكه، فماج الناس لذلك وغلقوا الأسواق خشية من [وقوع]«٢» النهب، وتزاحم الناس على شراء الخبز، وغلقت الدّروب، وانتشرت الزعر وأهل الفساد، وتعوّق مباشر والدولة من النزول من القلعة إلى دورهم، وأرسل السلطان إليهم جماعة بالكف عن ما هم فيه، وهدّدهم إن لم يرجعوا، فلم يلتفتوا إلى كلامه، وساروا بأجمعهم إلى بيت الأمير الكبير جارقطلو وكان سكنه ببيت الأمير طاز «٣» بالشارع الأعظم عند حمام الفارقانى «٤» فأغلق جارقطلو بابه، وأصعد مماليكه على طبلخاناته فوق باب داره ليمنعوا المماليك السلطانية من كسر الباب المذكور وإحراقه، وتراموا بالنشاب، وأقام الأجلاب يومهم كلّه مع كثرتهم لا يقدرون على الأمير الكبير جارقطلو ولا على مماليكه مع كثرة عددهم؛ لعدم معرفتهم بالحروب ولقلة دربتهم وسلاحهم.
هذا والسلطان يرسل إليهم بالكفّ عما هم فيه، وهم مصممون على ما هم فيه يومهم كله، ووقع منهم أمور قبيحة فى حق أستاذهم وغيره، فلما وقع ذلك غضب السلطان غضبا عظيما، وأراد أن يوسع الأمراء فى حق مماليكه فخوفه الأمراء سوء عاقبة ذلك، فأخذ يكثر من الدعاء عليهم سرا وجهرا، وباتوا على ذلك.