ثم ألقوا النار فيها فأحرقوها بعد ما أخلوها من جميع ما كان فيها، وقتلوا من كان بها وبالمدينة من الرجال والمقاتلة، حتى جاوز فعلهم الحدّ.
ثم أخربوا المدينة وألقوا النار فيها فاحترقت واحترق فى الحريق جماعة من النّسوة فإنهن اختفين فى الأماكن من البلد خوفا من العسكر، فلما احترقت المدينة احترقن الجميع فى النار التى أضرمت بسكك المدينة وخباياها، واحترق أيضا معهن عدة كبيرة من أولادهن.
هذا بعد أن أسرفوا فى القتل بحيث إنه كان الطريق قد ضاق من كثرة القتلى، وفى الجملة فقد فعلوا بمدينة الرّها فعل التّمرلنكيين وزيادة من القتل والأسر والإحراق والفجور بالنساء- فما شاء الله كان.
ثم رحلوا من الغد فى يوم الاثنين ثالث عشرينه وأيديهم قد امتلأت من النهب والسبى، فقطعت منهم عدّة نساء من التّعب فمتن عطشا، وبيعت منهن بحلب وغيرها عدة كبيرة.
قال المقريزى: وكانت هذه الكائنة من مصيبات الدّهر.
[الوافر]
وكنّا نستطب إذا مرضنا ... فجاء الدّاء من قبل الطّبيب
لقد عهدنا ملك مصر إذا بلغه عن أحد من ملوك الأقطار قد فعل مالا يجوز أو فعل ذلك رعيته بعث ينكر عليه ويهدّده، فصرنا نحن نأتى من الحرام بأشنعه ومن القبيح بأفظعه- وإلى الله المشتكى- انتهى كلام المقريزى.
قلت: لم يكن ما وقع من هؤلاء الغوغاء بإرادة الملك الأشرف، ولا عن أمره ولا فى حضوره، وقد تقدّم أن نوّاب البلاد الشامية وأكابر الأمراء