[ابن]«١» البارزىّ المطلّ على النيل بساحل بولاق، وسار بين يديه غرابان فى النيل حربية، فلعبا كما لو حاربا الفرنج، ثم ركب السلطان من وقته سريعا وسار إلى القلعة.
ثم فى عاشر ذى الحجة توجّه زين الدين عبد الباسط ناظر الجيش إلى زيارة القدس الشريف، وعاد فى يوم تاسع عشرينه، ثم ورد الخبر على «٢» السلطان فى هذا الشهر بتوجه الأمير قصروه نائب حلب منها والأمراء المجرّدون معه لمحاربة قرقماس بن حسين بن نعير، فلقوا جمائعه تجاه قلعة جعبر «٣» ، فانهزم قرقماس عن بيوته، فأخذ العسكر فى نهب ماله، فردّ عليهم العرب وهزموهم وقتلوا كثيرا من العساكر، وممّن قتل الأمير قشتم المؤيّدى أتابك حلب وغيره، وعاد العسكر إلى حلب بأسوإ حال، فعظم ذلك على الملك الأشرف إلى الغاية.
قال المقريزى: وكان فى هذه السنة «٤» حوادث شنيعة وحروب وفتن؛ فكان بأرض مصر بحريّها وقبليّها وبالقاهرة ومصر وظواهرها وباء [عظيم]«٥» مات فيه على أقلّ ما قيل مائة ألف إنسان، والمجازف يقول هذه المائة ألف من القاهرة ومصر فقط سوى من مات بالوجه القبلى والبحرى، وهم مثل ذلك.
قلت: وليس فى قول القائل إن هذه المائة ألف من القاهرة ومصر فقط مجازفة أبدا، فإن الوباء أقام أزيد من ثلاثة أشهر ابتداء وانتهاء وانحطاطا، وأقل من مات فيه دون العشرين كل يوم «٦» ، وأزيد من مات فيه نحو خمسة عشر ألف إنسان، وبهذا المقتضى ما ثمّ مجازفة، ومتحصل ذلك يكون بالقياس أزيد مما قيل- انتهى.