السلطان أيضا فى هذه السنة أشاع سفره كما قال فى العام الماضى، وتجهّز لذلك هو وأمراؤه.
ثم فى عشرينه قدم الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام باستدعاء، وصحبته القاضى كمال الدين محمد بن البارزىّ كاتب السّرّ بدمشق فباتا بتربة الملك الظاهر برقوق بالصحراء، ثم صعدا من الغد فى يوم الاثنين حادى عشرينه إلى القلعة وقبّلا الأرض، ولما «١» انفضّت الخدمة نزل الأمير سودون من عبد الرحمن إلى مكان بغير خلعة، فعلم كلّ أحد أنه معزول عن نيابة الشام.
فلما كان الغد وهو يوم الثلاثاء ثانى عشرين شهر رجب عملت الخدمة بالقصر السلطانى على العادة، وحضر الأمراء الخدمة على العادة، فقدّم سودون من عبد الرحمن قدّام جارقطلو وحجبه فى دخولهما على السلطان، وجلس جارقطلو على ميمنة السلطان، وجلس سودون من عبد الرحمن على ميسرة السلطان إلى أن قرىء الجيش ونجزت العلامة، ودخل السلطان من الخرجة إلى داخل القصر الأبلق «٢» ، وجلس به استدعى الخلع وخلع على الأمير سودون «٣» من عبد الرحمن نائب الشام باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن جارقطلو، وخلع على جارقطلو باستقراره فى نيابة «٤» الشام عوضا عن سودون من عبد الرحمن، وقبّلا الأرض، وفى الوقت تحوّل سودون من عبد الرحمن إلى ميمنة السّلطان وذهب جارقطلو إلى ميسرة السّلطان بعكس ما كان أوّلا، ولما خرجا من الخدمة السلطانية حجب جارقطلو سودون من عبد الرحمن.
كل ذلك لما ثبت عند السلطان من القواعد القديمة الكائنة إلى يومنا هذا.