وفى هذا اليوم رسم السلطان بإبطال حركة سفر السلطان إلى البلاد الشاميّة، فتكلّم الناس أن سبب حركة السلطان للسّفر إنما كانت بسبب سودون من عبد الرحمن لما أشاعه عنه المتغرّضون من أنه يريد الوثوب على السلطان، وليس الأمر كذلك، وإنما كان لعزل سودون من عبد الرحمن أسباب:
أحدها: أنه طالت أيّامه فى نيابة الشام، وزادت عظمته، وكثرت مماليكه وحواشيه، فخاف الملك الأشرف عاقبته فعزله.
وثانيها- وهو الأقوى عندى: أن السلطان لما استدعاه بكتاب على يد الأمير ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن منجك وعاد معه ابن منجك، فلما كان فى بعض الطريق تحادثا، فكان من جملة كلام سودون من عبد الرحمن لابن منجك: أنا أدخل أيضا إلى مصر أميرا بعد طول مدّتى فى نيابة دمشق، فنقلها ابن منجك برمتها إلى الملك الأشرف، فتحقّق الملك الأشرف عند ذلك ما كان أشيع عنه، فبادر وعزله، وكان مراد سودون من عبد الرحمن بقوله: أدخل مصر أميرا غير ما حمله عليه ابن منجك، وهو أن مراد سودون من عبد الرحمن أنه اعتاد بنيابة الشام، وأنه يكره الإقامة بمصر، وأن بعض نيابات البلاد الشامية أحبّ إليه من أن يكون أتابكا بمصر، وأشياء غير ذلك.
ثم فى يوم الخميس ثانى شعبان خلع السلطان على الأمير جارقطلو خلعة السّفر، وخرج من يومه الى مخيّمه بالرّيدانيّة خارج القاهرة وقد استقرّ الأمير قراجا الخازندار الأشرفى مسفّره.
ثم خلع السلطان من الغد فى يوم الجمعة ثالثه على القاضى كمال الدين محمد بن البارزىّ كاتب سرّ دمشق باستقراره فى قضاء دمشق مضافا لكتابة سرّها عوضا عن شهاب الدين أحمد بن المحمرة، ولم يجتمع ذلك لأحد قبله فى الجمع بين قضاء دمشق وكتابة سرّها.
ثم فى يوم الاثنين سادس عشرين شهر رمضان خلع السلطان على دولات خجا