للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتشعث الإيوان ونسيت عوائده ورسومه إلى أن اقتضى رأى السلطان فى هذه الأيّام بعمارته وتجديد عهده، فأزيل شعثه وتتبعت رسومه، وجلس الملك الأشرف به، وعمل الخدمة السلطانية فيه، وعزم على ملازمتة فى يومى الخدمة، ورسم بحضور القضاة وغيرهم ممّن كان له عادة بحضور خدمة دار العدل، فلم يتمّ ذلك وتركه كأنه لم يكن.

ثم فى ثانى عشرين شوّال هذا قدم الخبر من مكة المشرفة بأن عدة زنوك «١» قدمت من الصين إلى سواحل الهند، وأرسى منها اثنان بساحل عدن فلم تنفق بها بضائعهم من الصينى والحرير والمسك وغير ذلك لاختلال حال اليمن، فكتب كبير هذين المركبين الزنكيين إلى الشريف بركات بن حسن بن عجلان أمير مكة وإلى سعد الدين إبراهيم بن المرة ناظر جدّة يستأذن فى قدومهم إلى جدّة، فكتبا إلى السلطان فى ذلك ورغّباه فى كثرة ما يتحصّل فى قدومهم من المال، فكتب لهم السلطان بالقدوم إلى جدّة وإكرامهم.

ثم فى يوم الاثنين أوّل ذى القعدة استدعى السلطان القضاة الأربعة بجميع نوّابهم فى الحكم بالقاهرة ومصر [إلى القلعة] «٢» لتعرض نوابهم على السلطان، وقد ساعت القالة فيهم عند السلطان، فدخل القضاة الأربعة إلى مجلس السلطان وعوّق نوّابهم عن العبور إلى السلطان، فلما جلسوا خاشنهم السلطان فى اللفظ بسبب كثرة نوّابهم، وانفضّ المجلس على أن يقتصر الشافعىّ على خمسة عشر نائبا بمصر والقاهرة، والحنفى على عشرة نوّاب، والمالكىّ على سبعة، والحنبلىّ على خمسة، ونزلوا على ذلك، فلم يزل عبد الباسط وغيره بالسلطان حتى زادهم شيئا بعد شىء إلى أن عادت عدّتهم إلى ما كانت عليه، والسلطان لا يعلم بذلك.