نودى فى الناس بالإذن فى السّفر إلى الحجاز- رجبيّة- صحبة الأمير أسنبغا الطيارى المذكور، فسرّ الناس بذلك سرورا زائدا؛ لأن ابن المرة كان لا يدع أحدا أن يسافر معه خوفا عليهم من قطاع الطريق.
ثم فى سابع عشرين جمادى الأولى المذكورة سافر الوزير كريم الدين بن كاتب المناخ إلى جهة الوجه القبلى- وهو يوم ذاك يباشر الوزارة والأستادارية معا- وكان سفره إلى الوجه القبلى لتحصيل ما يقدر عليه من الجمال والخيل [والبغال]«١» والغنم والمال لأجل سفر السلطان إلى جهة البلاد الشاميّة، كل ذلك والناس يأخذون ويعطون فى سفر السلطان؛ فإنه وقع منه التجهيز للسفر غير مرة ثم تغير عزمه عن ذلك.
ثم فى تاسع عشرينه قدم إلى القاهرة كتاب القان شاه رخّ بن تيمور لنك صاحب ممالك العجم وجغتاى على يد بعض تجّار العجم يتضمن أنه يريد كسوة الكعبة، وأرعد فيه وأبرق، ولم يخاطب السلطان فيه إلا بالأمير برسباى، وقد تكررت مكاتبته للسلطان بسبب كسوة الكعبة غير مرة، وهو لا يلتفت إليه ولا يسمح له بذلك، بل يكتب له بأجوبة خشنة مشحونة بالتّوبيخ والوعيد والبهدلة، حتى إنه كلّما ورد منه كتاب وأجابه السلطان بتلك الأجوبة الخشنة لا يشك الناس أن شاه رخّ يرد إلى البلاد الشامية عقيب ذلك، فلم يظهر له خبر ولا نظر له أثر، وقد استخف الملك الأشرف بشأنه حتى [إنه]«٢» صار إذا أتاه قاصده لا يلتفت إليه ولا إلى ما فى يده من الكتب بالكلية، ويأتى- إن شاء الله تعالى- ذكر ما فعله ببعض قصّاده من الضرب والبهدلة فى محله من هذا الكتاب.
قلت: لا أعرف للملك الأشرف فى سلطنته حركة بعد افتتاحه لقبرس أحسن من ثباته مع شاه رخّ المذكور فى أمر الكسوة، وعدم اكتراثه به؛ فإنه أقام بفعلته هذه حرمة للديار المصرية ولحكّامها إلى يوم القيامة- انتهى.