إلى قلعتها مرارا؛ ثم رحل السلطان من دمشق بأمرائه وعساكره، فى يوم السبت عشرينه، يريد البلاد الحلبية، فحصل للعسكر بعيض مشقّة لعدم إقامته بدمشق، من أجل راحة البهائم. ولم يعلم أحد قصد السلطان فى سرعة السير لماذا [؟] وسار حتى وصل إلى حمص ثم إلى حماه، فخرج الأمير جلبان نائب حماه إلى ملاقاة السلطان بعساكر حماه، فأقام السلطان بظاهر «١» حماه المذكورة ثلاثة أيام، ثم رحل منها يريد حلب. ولم يدخل السلطان حماه بأبهة السلطنة كما دخل دمشق لما سبق ذلك من قواعد الملوك السالفة:
أن السلطان لا يدخل أبدا من مدن البلاد الشامية بأبّهة السلطنة إلا دمشق وحلب ثم مصر، وباقى البلاد يدخلها على عادة سفره إلا الملك المؤيّد شيخ، فإنه لما سافر إلى البلاد الشامية فى واقعة نوروز الحافظى «٢» ، عمل بحماه الموكب السلطانىّ ودخلها بأبهة السلطنة، وحمل على رأسه القبة والطير الأمير الكبير، استقلالا «٣» بنائبها، فإنه لا يحمل القبة والطير على رأس السلطان إلا أحد هؤلاء الأربعة: الأمير الكبير، أو ابن السلطان، أو نائب الشام، أو نائب حلب.
وكان لعمل الملك المؤيّد الموكب بحماه سبب، وهو أنه كان فى أيام إمرته، فى الدولة الناصرية [فرج] لما حاصر الأمير نوروز الحافظى بها تلك المدة الطويلة، وقع فى حقّه من أهل حماه أمور شنيعة، صار فى نفسه من ذلك حزازة «٤» ، فلما ملك البلاد وتسلطن، أراد أن ينسكيهم «٥» بما هو فيه من العظمة، ويريهم ما آل أمره إليه-[انتهى]«٦» .
وسار السلطان [الملك]«٧» الأشرف من حماه إلى أن وصل إلى حلب فى يوم الثلاثاء، خامس شهر رمضان، ودخلها على هيئة دخوله إلى دمشق، بأبهة السلطنة؛ وحمل القبّة