للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستمر السلطان فى سيره بجميع عساكره، غير أنهم فى خفّة من أثقالهم، إلى أن وصل البيرة، وقد نصب جسر المراكب على بحر الفرات لتعدية العساكر السلطانية عليه إلى جهة الشرق، فنزل السلطان فى البر الغربى الذي جهة حلب، وأقام بمخيمه، وأمر الأمراء أن تعدى إلى تلك الجهة بأطلابها قبله، ثم يسير السلطان بالعساكر بعدهم لئلا تزدحم «١» العساكر على الجسر المذكور، لأن الجسر، وإن كان محكما، فهو موضوع على المراكب، والمراكب مربوطة موثوقة «٢» بالسلاسل، فهو على كل حال، ليس بالثابت تحت الأقدام، ولا بد أن يرتجّ عند المرور عليه؛ وكانت «٣» سعة الجسر بنحو أن يمر عليه قطاران «٤» من الجمال المحملة- انتهى.

فأخذت الأمراء فى التعدية إلى جهة البيرة [٥]- والسلطان بعساكره فى خيامهم- إلى أن انتهى حال الأمراء، فأذن السلطان عند ذلك للعساكر بالمرور على الجسر المذكور إلى البيرة من غير عجلة، فكأنه استحثهم على السرعة، فحمّلوا جمالهم «٥» للتعدية، ووقع بينهم أمور وضراب ومخاصمة بسبب التعدية، يطول شرحها، إلى أن عدّى غالبهم. فعند ذلك ركب السلطان بخواصّه ومرّ على الجسر المذكور إلى أن عدّاه، ونزل بقلعة البيرة فى يوم السبت سادس عشرين شهر رمضان، ونزلت العساكر المصرية «٦» والشامية «٧» على شاطىء بحر الفرات وغيره، فأقام السلطان بالبيرة إلى أن رتب أمورها وترك بها أشياء كثيرة من الأثقال السلطانية، ورحل منها فى أواخر شهر رمضان المذكور إلى جهة آمد حتى نزل على مدينة الرّها فى ليلة عيد الفطر، فوجدناها «٨» خرابا خالية من أهاليها وأصحابها لم يسكنها