إلا من عجز «١» عن الحركة من ضعف بدنه أو لقلة «٢» ماله. ونزل السلطان على ظاهرها من جهة الشرق وعيّد بها عيد الفطر، ودخلت أنا إلى مدينة الرّها وطلعت إلى قلعتها، فإذا هى مدينة لطيفة، وقلعتها «٣» فى غاية الحسن، على أنها صغيرة جدا.
ثم أصبح السلطان يوم عيد الفطر، وقد اشتغل بالمسير إلى جهة آمد، وإلى الآن لم يعرف لقرايلك خبر، والأقوال فيه مختلفة، فمن الناس من يقول إنه تهيأ ويريد قتال العساكر السلطانية، ومن الناس من يقول إنه دخل إلى آمد وحصّنها، ومن الناس من يقول إنه ترك بمدينة آمد ابنه بعد أن حصنها، وتوجه إلى قلعة أرقنين «٤» ، وأرقنين على يسار المتوجّه إلى آمد. وسار السلطان بعساكره من الرّها وعليهم الأسلحة وآلة الحرب، إلى أن نزل على آمد فى يوم الخميس ثامن شوال؛ وقبل نزول السلطان عليها صفّ عساكره عدة صفوف، ووراءهم الثقل والخدم، حتى ملأوا «٥» الفضاء طولا وعرضا. ومشى السلطان هو والخليفة، ومباشرو «٦» الدولة حولهما بغير سلاح، يوهم أن المباشرين المذكورين هم قضاة الشرع، لكون لبسهم على هيئة لبس الفقهاء، وليس بينهم وبين القضاة فرق، بل كان فيهم مثل القاضى كمال الدين [بن البارزى]«٧» كاتب السر، وهو أفضل من قضاة كثيرة، وسار السلطان بهم أمام عسكره.
وقد هال أهل آمد ما رأوه من كثرة العساكر وتلك الهيئة المزعجة التى قل أن يجتمع فى عساكر الإسلام مثلها، من ترادف العساكر بعضها على بعض، حتى ضاق عليهم اتساع