عبد الباسط داره؛ وتردد الناس للسلام عليه، والسلطان مصمم على سفره إلى [ثغر]«١» الإسكندرية.
وأصبح الناس يوم الثلاثاء سادس عشره، وإذا بهجّة عظيمة، فغلقت جميع شوارع المدينة لإشاعة كاذبة بأن المماليك [قد]«٢» نزلوا ثانيا لنهب بيت عبد الباسط، فاضطرب الناس، وهرب عبد الباسط من داره، وانزعج إلى الغاية، فكان هذا اليوم أعظم وأشنع من يوم النهب. ثم ظهر للناس أن المماليك لم يتحركوا ولا نزل أحد منهم، وأما عبد الباسط، فإنه لا زال يسعى ويتكلم له خواص السلطان فى عدم خروجه إلى الإسكندرية حتى تم له ذلك، وطلع إلى القلعة فى يوم سابع عشره، بعد أن التزم عبد الباسط بأن يقوم للوزير من ماله بخمسمائة «٣» ألف درهم مصرية تقوية له، وأن السلطان يساعد أستاداره كريم الدين بعليق المماليك شهرا «٤» ، هذا بعد أن قدم عبد الباسط للأشرف تقدمة من المال فى خفية من الناس لإقامة حرمته، ولم يخف ذلك عن «٥» أحد، وأخذ أمر عبد الباسط فى انحطاط، وصار السلطان يهدده إن لم يل الأستادارية هو [١٨] أو مملوكه جانبك، وهو يتبرم من ذلك كله.
ثم استعفى الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم من الوزارة «٦» ، فعين السلطان شمس الدين بن سعد الدين بن قطارة القبطى لنظر الدولة، وألزمه بتكفية يومه. ورسم السلطان بطلب أرغون شاه النّوروزى من دمشق، وهو يومذاك أستادار السلطان بها «٧» ، ليستقر فى الوزارة، عوضا عن ابن الهيصم على عادته قديما، بعد ما عرض السلطان الوزارة على الأستادار كريم الدين ابن كاتب المناخ، فأبى كريم الدين قبول ذلك، وقال:
يا مولانا السلطان، يختار السلطان إما أكون وزيرا أو أستادّارا، وأما جمعهما «٨» معا