وحبس، فلما بلغ السلطان ذلك كتب إلى نواب البلاد الشامية بالتأهب والاستعداد لنجدة نائب حلب الأمير إينال الجكمى إذا استدعاهم، ولم يكترث السلطان بقبض جانبك الصوفى وقال: هذه حيلة.
وكان من خبر جانبك الصوفى والقبض عليه وهو خلاف ما نقل عنه قبل ذلك لاختلاف الأقوال فى أمره، فخبره من هذا الوجه: أنه لما فرّ «١» من الإسكندرية، دخل القاهرة بعد أمور، ودام بها سنين مختفيا «٢» فى حاراتها وظواهرها، إلى أن خرج منها متنكرا وسار إلى البلاد الشامية، ثم إلى بلاد الروم، فظهر بتوقات «٣» فى شوال من السنة الماضية، أعنى سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة، فقام متوليها الأمير أركج باشا بمعاونته وأكرمه «٤» وأنعم عليه، وكتب إلى ناصر الدين محمد بن دلغادر نائب أبلستين، وإلى أسلماس بن كبك، وإلى محمد بن قطبكى، وإلى قرايلك ونحوهم من أمراء التركمان بالقيام معه والاستعداد لنصرته، فانضم على جانبك الصّوفى عند ذلك جماعة كبيرة، فتهيأ وخرج بهم من توقات، فوافاه الأمير قرمش الأعور أحد مقدمى الألوف بالديار المصرية المقدم ذكره فى واقعة جانبك الصّوفى لما قبض عليه بالقاهرة.
وكان من خبر قرمش المذكور، أن الملك الأشرف أمسكه بعد أن قبض على الأمير جانبك الصّوفى بمدة يسيرة، وحبسه بثغر الإسكندرية، ثم أطلقه وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، فلما خرج الأمير تنبك البجاسى عن طاعة [الملك]«٥» الأشرف وافقه قرمش هذا وبقى من حزبه، إلى أن انكسر البجاسى وقبض عليه، فاختفى «٦» قرمش المذكور ولم يظهر له خبر إلى هذا اليوم، فكأنه كان مختفيا بتلك