جميعكم، فمن قدر منكم على فرس ركب فرسا، ومن قدر على حمار ركب حمارا» ؛ فنزلوا على ذلك إلى بيت الأمير أركماس الظاهرى الدوادار الكبير، فحل بهم عند ذلك بلاء الله المنزل، وتحكم فيهم الأكلة، وصاروا فى أيديهم كالفريسة فى يد فارسها، وذلك لعدم معرفة أركماس المذكور بالأحكام، وقلة دربته بالأمور- فإنه كان رجلا غتميّا لا يعرف باللغة التركية فكيف اللغة العربية؟ - ففاز المتموّلون وتورط المفلسون.
قلت: وعدّت «١» هذه الفعلة من غلطات [الملك]«٢» الأشرف، كونه يندب «٣» لهذا الأمر المهم «٤» مثل أركماس هذا، وقد تقدم أن الملوك السالفة كانت تندب لهذا الأمر «٥» مثل الأمير طشتمر الدوادار، ومثل سودون الشّيخونى، ومثل يونس الدوادار، وآخرهم جقمق دوادار المؤيد، وكل واحد من هؤلاء كان شأنه مع من يعرضه كالطبيب الحاذق العارف بمرض من يعالجه: ينظر إلى وجه المعروض عليه، ويسأله عن إقطاعه «٦» وعن متحصله «٧» سؤالا لا يخفاه بعد [ذلك]«٨» شىء من حاله، فعند ذلك ينظر فى أمره بفراسته، إن كان إقطاعه يقوم بسفره ألزمه بالسفر غصبا على رغم أنفه، لا يسمع فى أمره رسالة ولا شفاعة، وإن كان لا يقوم بسفره ألزمه بالإقامة، وندبه لحفظ جهة من الجهات، ومشى فى جميع عرضه على ذلك. وقد انتصف الناس من كونه ألزم كلّ واحد بما هو فى قدرته، فكان هذا العرض بخلاف [٣٥] هذا جميعه: ترك فيه من إقطاعه يعمل فى السنة مائة «٩» . ألف، حيث هو من جهته رجل من أرباب الشوكة أو باذل مال، وألزم بالسفر من إقطاعه يعمل فى السنة «١٠» خمسة آلاف درهم فلوسا، كونه فقيرا ولا عصبية له- انتهى.