وساءت «١» سيرته فأخذه الله أخذا وبيلا، وعاجله بنقمته فلم يهنّه- انتهى كلام المقريزى.
قلت: وما عسى الملك الأشرف كان يظلم فى تلك المدة القصيرة؟ فإن خبر جانبك الصوفى ورد عليه فى سابع عشر جمادى الأولى «٢» وابتدأ بالسلطان مرض موته من أوائل شعبان، ولزم الفراش من اليوم المذكور، وهو ينصل ثم ينتكس إلى أن مات فى ذى الحجة. غير أن الشيخ تقي الدين المقريزى رحمه الله كان له انخراقات «٣» معروفة عنه وهو معذور فى ذلك، فإنه أحد من أدركنا من أرباب الكمالات فى فنه ومؤرخ زمانه، لا يدانيه فى ذلك أحد، مع معرفتى بمن عاصره من مؤرخى العلماء؛ ومع هذا كله كان مبعودا فى الدولة، لا يدنيه السلطان مع حسن محاضرته وحلو منادمته. على أن [الملك] »
الظاهر برقوق كان قرّبه ونادمه وولاه حسبة القاهرة فى أواخر دولته، ومات [الملك]«٥» الظاهر فلم يمش حاله على من جاء بعده من الملوك وأبعدوه من غير إحسان؛ فأخذ هو أيضا فى ضبط مساوئهم وقبائحهم، فمن أساء لا يستوحش. على أنه كان ثقة فى نفسه ديّنا خيّرا؛ وقد قيل لبعض الشعراء:
إلى متى تمدح وتهجو؟ فقال: ما دام المحسن يحسن والمسىء يسىء- انتهى.
ثم فى يوم الجمعة ثامن جمادى الآخرة ورد الخبر على السلطان بأن إسكندر بن قرا يوسف، نزل قريبا من مدينة تبريز، فبرز إليه أخوه جهان شاه بن قرا يوسف المقيم بها من قبل شاه رخ بن تيمور لنك، فكانت بينهما وقعة هائلة انهزم فيها إسكندر إلى قلعة ألنجا من عمل تبريز فنازله «٦» جهان شاه إلى أن حصره بها أياما، وأن الأمير حمزة بن قرايلك متملّك ماردين وأرزن أخرج أخاه على بك من مدينة آمد وملكها منه، فقلق السلطان من هذين الخبرين وعزم على أن يسافر بنفسه إلى البلاد