ومحمودا «١» ، وقدم عليهما فأكرماه وأنزلاه عندهما. فأخذ تغرى برمش نائب حلب يدبّر عليه بكل ما تصل القدرة إليه، ولا زال حتى استمالهما، أعنى «٢» محمدا ومحمودا ابنى قرايلك، ووعدهما بجملة مال إن قبضا على جانبك المذكور «٣» ، يحمل إليهما خمسة آلاف دينار، فمالا إليه ووعداه أن يقبضا على جانبك المذكور «٤» ، فعلم «٥» جانبك بالخبر فشاور أصحابه فى ذلك فأشاروا عليه بالفرار إلى جهة من الجهات، فبادر جانبك وخرج من عندهما ومعه عشرون فارسا من أصحابه لينجو بنفسه. وبلغ ذلك القرايلكية فركبوا وأدركوه فقاتلهم فأصابه سهم سقط منه عن فرسه، فأخذوه وسجنوه عندهم وذلك فى يوم الجمعة خامس عشرين شهر ربيع الآخر من هذه السنة، فمات من الغد فقطع رأسه وحمل إلى السلطان، فهذا القول هو المشهور.
وقيل إن جانبك الصوفى مات بالطاعون عند أولاد قرايلك بعد أن أوعدهما تغرى برمش بالمال المقدم ذكره، ولم يقبلا منه ذلك واستمرا على إكرامه. فلما مات جانبك الصوفى بالطاعون أخفيا ذلك وقطعا رأسه وبعثا به «٦» إلى تغرى برمش.
قلت: والقول الأول هو المتداول بين الناس. ويأتى بقية ذكر جانبك الصوفى فى الوفيات [من هذا الكتاب]«٧» فى محلّه [إن شاء الله تعالى]«٨» .
قال المقريزى، بعد أن ساق نحو ما حكيناه بالمعنى، واللفظ مخالف: وحملت إليه الرأس- يعنى عن [الملك]«٩» الأشرف- فكاد يطير فرحا وظن أنه قد أمن، فأجرى الله على الألسنة أنه قد انقضت «١٠» أيامه وزالت دولته فكان كذلك هذا، وقد قابل نعم «١١» الله عليه فى كفاية عدوه بأن تزايد عتوه وكثر ظلمه