كثير، فتكاثرت الفقراء على متولى الصدقة وجذبوه حتى أرموه عن فرسه، فغضب السلطان من ذلك وطلب سلطان الحرافيش «١» وشيخ الطوائف وألزمهما بمنع الجعيديّة من السؤال فى الطرقات [٣٦] وألزمهم بالتكسّب، وأن من يشحذ منهم قبض عليه وأخرج لعمل الحفير. فامتنعوا من الشحاذة، وخلت الطرقات، ولم يبق من السّؤّال إلا العميان والزّمنى «٢» وأرباب العاهات.
قلت: وكان هذا من أكبر المصالح، وعدّ ذلك من حسن نظر الملك الأشرف فى أحوال الرعية، فإن هؤلاء الجعيديّة غالبهم قوىّ سوىّ صاحب صنعة فى يده، فيتركها ويشارك ذوى العاهات الذين «٣» لا كسب لهم إلا السؤال ولولا ذلك لماتوا «٤» جوعا، وأيضا أن غالبهم يجلس بالشوارع ويتمنىّ، ثم يقسم على الناس بالأنبياء والصلحاء وهو يتضجر من قسوة قلوب الناس ويقول: لى مقدار كيت وكيت باقول فى حب رسول الله أعطونى هذا القدر «٥» اليسير فلم يعطنى أحد.
ويجتاز به وهو يقول:«ذلك اليهودى والنصرانى!» ، فيسمعون لمقالته «٦» فى هذا المعنى.
وهذا من المنكرات التى [لا]«٧» ترتضيها الحكام، وكان من شأنهم أنهم إذا سمعوا هذا القول أخذوا القائل وأوجعوه بالضرب والحبس والمناداة على الفقراء بعدم التقسيم