محمولا من شدة مرضه وضعف قوته، ووقف بين يديه الأمير خشقدم اليشبكى مقدم المماليك السلطانية بالحوش، ومعه غالب المماليك السلطانية: الجلبان والقرانيص، وجلس بجانب السلطان الخليفة المعتضد بالله أبو الفتح داود، والقضاة والأمير الكبير جقمق العلائى، ومن تأخر عن التجريدة من الأمراء بالديار المصرية.
وقام عبد الباسط، لغيبة كاتب السر صلاح الدين بن نصر الله وشدة مرضه بالطاعون، وابتدأ بالكلام «١» فى عهد السلطان بالملك من بعده لابنه المقام الجمالى يوسف، وقد حضر أيضا يوسف المذكور «٢» مع أبيه فى المجلس، فاستحسن الخليفة هذا الرأى وشكر السلطان على فعله لذلك، فقام فى الحال القاضى شرف الدين أبو بكر [سبط] »
ابن العجمى نائب كاتب السر بالعهد إلى بين يدى السلطان. وأشهد السلطان على نفسه، أنه عهد بالملك إلى ولده يوسف من بعده، وأمضى الخليفة العهد، وشهد بذلك القضاة، وجعل الأمير الكبير جقمق العلائى هو القائم بتدبير أمر مملكة المقام الجمالى يوسف، وأشهد السلطان على نفسه بذلك أيضا فى العهد. ثم التفت السلطان إلى جهة الحوش، وكلم الأمير خشقدم مقدم المماليك- وقصد يسمع ذلك القول للمماليك السلطانية الجلبان- بكلام طويل، محصوله يعتب عليهم «٤» فيما كانوا يفعلونه فى أيامه وأنه كان تغير عليهم ودعا عليهم، فأرسل الله [تعالى]«٥» عليهم الطاعون فى سنتى ثلاث وثلاثين ثم إحدى وأربعين فمات منهم حماعة كبيرة، والآن قد عفا «٦» عنهم. ثم أوصاهم بوصايا كثيرة، منها أن يكونوا فى طاعة ولده، وأن لا يغيروا على أحد من الأمراء، وأن لا يختلفوا فيدخل فيهم الأجانب فيهلكوا، وأشياء من ذلك كثيرة سمعتها من لفظه لكن لم أحفظ