ثم «١» أخذ يعرّف الجميع «٢» : القرانيص والجلبان، أنه يموت وأنه كان عندهم ضيفا وقد أخذ فى الرحيل عنهم؛ وبكى فأبكى الناس وعظم الضجيج من البكاء، ثم أمر لهم بنفقة لجميع المماليك السلطانية قاطبة، لكل واحد ثلاثين دينارا، فقبل الجميع الأرض وضجوا له بالدعاء بعافيته وتأييده؛ كل ذلك وهو يبكى وعقله صحيح وتدبيره جيد. وفى الحال جلس كاتب المماليك واستدعى اسم واحد واحد، وقد صرّت النفقة المذكورة، حتى أخذوا الجميع النفقة، فحسن ذلك ببال جميع الناس، وكانت جملة النفقة مائة وعشرين «٣» ألف دينار؛ وانفضّ المجلس، وحمل السلطان وأعيد إلى مكانه.
ثم فى يوم الجمعة سابع ذى القعدة خلع السلطان على الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله باستقراره فى كتابة السر بعد موت [ولده]«٤» صلاح الدين محمد بن حسن بن نصر الله بالطاعون، وخلع أيضا فى اليوم المذكور على نور الدين علىّ السّويفى إمام السلطان باستقراره محتسب القاهرة بعد موت دولات خجا بالطاعون، وفرح الناس بموته كثيرا.
وتزايد الطاعون فى هذه الأيام بالديار المصرية وظواهرها حتى بلغ [عدة]«٥» من صلى عليه بمصلاة باب «٦» النصر فقط فى يوم واحد أربعمائة ميّت، وهى من جملة إحدى عشرة مصلاة بالقاهرة وظواهرها.
وأما الأمراء المجرّدون إلى البلاد الشامية، فإنهم كانوا فى هذا الشهر رحلوا من أبلستين وتوجهوا إلى آق شهر «٧» ، حتى نزلوا عليها وحصروها وليس لهم علم بما السلطان فيه.