وكان فقيها صاحب محاضرة حلوة ومجالسة حسنة، ويذاكر بالشعر باللغات الثلاث «١» :
العربية والعجمية والتركية، ويكتب الخط المنسوب، ويحضر مجالس الفقراء، ويرقص فى السماع ويميل إلى التصوف، جالسته «٢» كثيرا وأسعدت من محاسنه رحمه الله «٣» .
وتوفى الأمير تغرى بردى بن عبد الله المحمودى الناصرى، رأس نوبة النوب أولا، ثم أتابك دمشق آخرا، من جرح أصابه فى رجله بسهم من مدينة آمد، مات منه بعد أيام قليلة بآمد، مات منه «٤» فى شوال ودفن بآمد، ثم نقل منها فى سحليّة عند رحيل العسكر، وساروا به إلى الرها، فدفن بها لمشقة نالت العساكر من ظهور رائحته.
وكان أصله من مماليك [الملك]«٥» الناصر فرج، وممن تأمّر فى دولة أستاذه فيما أظن. ثم انتمى للأمير نوروز الحافظى بعد موت أستاذه، إلى أن أمسكه [الملك]«٦» المؤيد شيخ. وحبسه بعد قتل نوروز، فدام فى السجن سنين إلى أن أخرجه المؤيد فى أواخر دولته. فلما آل الأمر إلى الأمير ططر أنعم عليه بإمرة طبلخاناة، ثم نقل إلى تقدمة ألف بعد موت ططر. ثم صار رأس نوبة النوب بعد الأمير أزبك المحمدى بحكم انتقال أزبك إلى الدوادارية الكبرى، بعد ولاية سودون [من]«٧» عبد الرحمن لنيابة دمشق، عند ما خرج تنبك البجاسى عن الطاعة. كل ذلك فى سنة ست وعشرين وثمانمائة، ودام المحمودى على ذلك سنين، سافر فيها أمير حاج المحمل، وقدم بالشريف حسن بن عجلان، ثم توجه إلى غزوة قبرس وقدم بملكها أسيرا.