وقد تقدم ذكر ذلك كله فى أول هذا الجزء، ثم بعد عوده من قبرس بمدة يسيرة أمسكه السلطان وحبسه بسجن الإسكندرية، ثم نقله إلى ثغر دمياط بطالا، ثم أنعم عليه بأتابكية دمشق عوضا عن قانى باى الحمزاوى، بحكم انتقال الحمراوى إلى تقدمة ألف بمصر، ثم سافر المحمودى صحبة السلطان إلى آمد، فأصيب بسهم فمات منه حسبما ذكرناه. وكان أميرا جليلا شجاعا مقداما طوالا رشيقا مليح الشكل، كثير التجمل فى ملبسه ومركبه ومماليكه، وهو أول من لبس التخافيف الكبار العالية من الأمراء، وتداول الناس ذلك من بعده حتى خرجوا عن الحد، وصارت التخفيفة الآن تلف شبه الكلفتاه حتى تصير كالطبق الهائل؛ وعندى أنها غير لائقة، وللناس فيما يعشقون مذاهب.
وتوفى الأمير [سيف الدين]«١» سودون بن عبد الله الظاهرى، المعروف سودون ميق، أحد أمراء الألوف بالديار المصرية، من جرح أصابه بآمد، من سهم من مدينتها، لزم منه الفراش أياما «٢» ، ومات أيضا فى أواخر شوال.
وكان أصله من مماليك الظاهر برقوق الصغار، وصار خاصكيا، ومن جملة الدوادارية فى دولة [الملك]«٣» المؤيد شيخ، ثم ترقى إلى أن صار من جملة أمراء الطبلخانات ورأس نوبة، ثم نقل إلى الأمير آخورية الثانية، كل ذلك فى دولة [الملك]«٤» الأشرف برسباى، فدام على ذلك سنين، إلى أن أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف، فاستمر على ذلك إلى أن مات. وكان متوسط السيرة فى غالب خصاله، لا بأس به، رحمه الله.
وتوفى الأمير سيف الدين جانبك بن عبد الله الحمزاوى، بعد أن ولى نيابة غزة، فمات قبل أن يصلها فى عوده من آمد، فى ذى الحجة. وكان أصله من [٦٣] مماليك الأمير