الأول، وعاد فولّاه كتابة السر على حين غفلة، بعد عزل القاضى محب الدين محمد بن الأشقر، من غير سعى، فى يوم الخميس ثانى عشرين ذى الحجة سنة أربعين وثمانمائة، وترك زىّ الجند ولبس زىّ الفقهاء، وصار يدعى بالقاضى بعد الأمير، فباشر كتابة السر بحرمة وافرة وعظم فى الدولة، فلم تطل أيامه ومات فى حياة والده، واستقر والده عوضه فى كتابة السر.
وكان صلاح الدين حشما متواضعا كريما، يكتب المنسوب، إلا أنه كان من الكذبة الذين «١» يضرب بكذبهم المثل، يحكى عنه من ذلك أشياء كثيرة، ورأيت أنا منه نوعا، غير أن الذي حكى [لى]«٢» عنه أغرب، وقد جربت أنا كذبه بأنه لا يضر ولا ينفع، وهو أن غالب كذبه كان على نفسه، فيما وقع له قديما وحديثا، فهذا شىء لا يضر أحدا، ولعل الله أن يسامحه فى ذلك.
وتوفى الشهابى أحمد بن [على]«٣» ابن الأمير سيف الدين قرطاى بن عبد الله سبط بكتمر الساقى، بالطاعون فى ليلة الاثنين عاشر ذى القعدة. ومولده فى يوم الأحد ثالث عشرين شعبان سنة ست وثمانين وسبعمائة بالقاهرة، ومات ولم يخلف بعده مثله فى أبناء جنسه، لفضائل جمعت فيه، من حسن كتابة ونظم القريض، وحلو محاضرة وجودة مذاكرة؛ وكان سمينا جدا لا يحمله إلا الجياد من الخيل، رحمه الله تعالى «٤» . [ومن شعره]«٥» : [المجتث]