للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى طلب جماعة أخر من المماليك الأشرفية، فنزل إليه الأمير يخشباى الأمير آخور الثانى، والأمير على باى شادّ الشراب خاناه، وهما من عظماء القوم والمشار إليهما من القلعية الأشرفية، وقبّلا يد الأمير الكبير جقمق، فأكرمهما الأمير الكبير ووعدهما بكل خير، ثم أمر فى الحال بطلب [الأمير] الطواشى خشقدم اليشبكى مقدم المماليك السلطانية فحضر إليه وقبّل يده، فأمره الأمير الكبير أن يتقدم بنزول جميع من فى الأطباق من المماليك الأشرفية وهدّده إن لم يفعل ذلك، فاستبعد الناس وقوع ذلك لكثرة المماليك الأشرفية وشدة بأسهم.

فحالما طلع خشقدم وأمرهم بالنزول أجابه الجميع بالسمع والطاعة، ونزل صبيان طبقة بعد طبقة إلى بيت الأمير الكبير، وقد حضر عنده قضاة القضاة الأربعة «١» وأهل الدولة وأعيانها، وحلّفوا الأمير الكبير على طاعة السلطان، ثم حلّفوا المماليك الأشرفية على طاعة الأمير الكبير، وحكم قاضى القضاة سعد الدين [بن] «٢» الديرى الحنفى بسفك دم من خالف هذا اليمين.

وعند انقضاء الحلف، أمر الأمير الكبير بنزول جميع المماليك الأشرفية من أطباقهم بالقلعة إلى إسطبلاتهم، ما خلا المماليك الصغار فاعتذروا عن قلة مساكنهم بالقاهرة، فلم يقبل الأمير الكبير أعذارهم وشدّد عليهم، والناس تظن غير ذلك، فخرجوا. وفى الحال أخذوا فى تحويل متاعهم ونزلوا من الأطباق، بعد أن ظن كل أحد منهم أنه لا بد له من إثارة فتنة وشر كبير تسفك فيه دماء كثيرة قبل نزولهم، فلم يقع شىء من ذلك، ونزلوا من غير قتال ولا إكراه؛ وخلت الطباق منهم فى أسرع وقت خذلانا «٣» من الله تعالى، وتركوا السلطان والخزائن والسلاح والقلعة، ونزلوا من غير أمر يوجب النزول، وهم نحو الألف وخمسمائة نفر، هذا خلاف من كان انضم عليهم من الناصرية والمؤيدية والسيفية، ولله در القائل: [السريع]