للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يفعل الأعداء فى حاهل ... ما يفعل الجاهل فى نفسه

وتعجب الناس من نزولهم، حتى الأمير الكبير جقمق، وصار يتحدث بذلك أوقاتا فى سلطنته، فإنه كان أولا تخوف منهم أن يقبضوا عليه عند طلوعه إلى القلعة غير مرة، ولهج الناس بذلك كثيرا وبلغ الأتابك أنهم يريدون أن يقبضوا عليه وعلى عبد الباسط وعلى الصاحب جمال الدين ناظر الخاص، فقال: وإيش يمنعهم من ذلك؟ وانقطع عن الخدمة السلطانية أياما، حتى كلمه أصحابه فى الطلوع وشجعوه وقالوا له: نحن نطلع فى خدمتك ولا يصيبك مكروه حتى تذهب أرواحنا. كل ذلك قبل أن يقع الشرّ بين الأمير إينال وخجداشيته، فهذا كله ذكرناه لتعرف به شدة بأس المماليك الأشرفية وكثرة عددهم.

[٨٤] فلما تكامل نزول [المماليك] «١» الأشرفية من الأطباق إلى حال سبيلهم، وهذا أول مبدأ زوال ملك السلطان الملك العزيز [يوسف] «٢» ، ومن يومئذ أخذ الأمير إينال الأبوبكريّ الأشرفىّ فى الندم بما وقع منه من الانفراد عن خجداشيته والانضمام على الأتابك جقمق، حتى إنه صار يبكى فى خلواته ويقول: «ليتنى كنت حبست بثغر الإسكندرية، ودام تحكم ابن أستاذى «٣» وخجداشيتى. وما عسى خجداشيتى كانوا يفعلون بى؟» . وندم حيث لا ينفع الندم، وربما بلغ الأمير الكبير عنه «٤» ذلك فأخذ يحلف له أنه لا يريد الوثوب على السلطنة، ولا خلع الملك العزيز، وأنه لا يريد إلا أن يكون نظام ملكه ومدبّر ممالكه، وأشياء غير ذلك.

قلت: وأنا أظن أن الأمير إينال ما طال حبسه إلا بهذا المقتضى، والله أعلم.

ثم فى يوم الأحد هذا قدم الأمير تغرى بردى البكلمشى المؤذى أحد مقدمى