ثم أرسل آقبغا التمرازى رأس نوبته لكشف خبر قرقماس ومن وافقه من الأمراء، فتوجه المذكور وعاد إليه بالخبر أنه ليس معه من الأمراء إلا قراجا وأزبك جحا ومغلباى الجقمقى وجانم الأشرفى، فقال آقبغا: إذن فلا شىء. وركب فرسه وركب الأمراء معه بمن انضم عليهم من المماليك السلطانية، وساروا إلى أن وصلوا إلى صليبة أحمد بن طولون عند الخانقاه الشيخونية، ووقفوا هناك وتشاوروا فى مرورهم إلى باب السلسلة، وقد ملأت عساكر قرقماس الرميلة «١» ؛ فمن الناس من قال: نتوجه من على المشهد النّفيسى إلى باب القرافة ثم نطلع إلى القلعة، ومنهم من قال غير ذلك.
وبينما «٢» هم فى ذلك، ورد عليهم الخبر أن الأمير قراجا ومغلباى الجقمقى خرجا من عسكر قرقماس ولحقا بالسلطان؛ فعند ذلك قوى عزم الأمراء على الطلوع إلى القلعة من سويقه منعم «٣» ، فساروا بمن معهم إلى أن صاروا بآخر سويقة منعم فحركوا خيولهم يدا واحدة، إلى أن وصلوا إلى القلعة، بعد أن كبا بآقبغا التمرازى فرسه ثم قام به ولم يفارق السرج. وطلعوا الجميع إلى القلعة، وقبلوا الأرض بين يدى السلطان، فأكرمهم السلطان غاية الإكرام وندبهم لقتال قرقماس، فنزلوا من وقتهم بأطلابهم ومماليكهم، وقد انضم معهم جميع أمراء الألوف وغيرها، وصفّ آقبغا عساكره والأطلاب الذين معه «٤» ، وقبل أن يعبّى عساكر السلطان صدمته القرقماسية من غير تعبية ولا مصاففة، لأن قرقماس لما وقف تجاه باب السلسلة لم يقدر على تعبية عساكره لكثرة المماليك وقلة من معه من الأمراء، ووقف هو بينهم فى الوسط، ولم يكن لمعسكره قلب ولا ميمنة ولا ميسرة، وذلك لقلة معرفة أصحابه بممارسة الحروب وتعبية العساكر، وكان ذلك من أكبر الأسباب فى هزيمة قرقماس، فإنه تعب فى موقفه ذلك اليوم غاية التعب، فصار