للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تارة يكرّ فى الميمنة [وتارة فى الميسرة] «١» وتارة يقاتل بنفسه حتى أثخن جراحه، وتارة يعود إلى سنجقه، ولم يقع ذلك لعساكر السلطان فإن غالبهم كانوا أمراء ألوف وطبلخانات وعشرات، فأما مقدمو «٢» الألوف فوقفت أطلابهم تحت القلعة تجاه قرقماس، كلّ طلب على حدته، فصاروا كالتعبية.

[٩٦] وبرزت الأمراء والخاصكيّة لقتال قرقماس، طائفة بعد أخرى، هذا مع معرفتهم بمكايد الحروب وأحوال الوقائع، وآقبغا التمرازى فى اجتهاد يعبى العساكر السلطانية ميمنة وميسرة وقلبا «٣» وجناحين، وكان قصده تعبية المجنّح فلم يمهله القرقماسية، وبادروه بالقتال والنزال من غير إذن قرقماس، فتصادم الفريقان غير مرة، والهزيمة فيها على السلطانية، وتداول ذلك بينهم مرارا كثيرة. واشتد القتال وفشت الجراحات فى الطائفتين، وقتل الأمير جكم النّوروزى أحد أمراء العشرات بوسط الرملة وهو من حزب السلطان، كل ذلك ومنادى قرقماس ينادى فى الناس: من يأتى قرقماس من المماليك السلطانية فله مائتا دينار، ومن يأتيه من الزّعر فله عشرون دينار، فكثر جمعه من الزّعر والعامة، فأخذ [الملك] «٤» الظاهر جقمق ينثر الذهب على الزّعر فمالوا إليه بأجمعهم، وقال لسان حالهم: «درّة معجّلة ولا درّة مؤجّلة» .

ثم أمر السلطان بمناد فنادى من أعلى سور القلعة: «من كان فى طاعة السلطان فليحضر وله الأمان كائن من كان وله كذا وكذا» ، وأوعد بأشياء كثيرة. كل ذلك والقتال فى أشد ما يكون، ولم يكن غير ساعة جيدة إلا وأخذ عسكر قرقماس فى تقهقر، وتوجهت الناس إلى السلطان شيئا بعد شىء. وكان جماعة من أصحابنا من الناصرية وقفوا عند الصّوّة من تحت الطبلخاناه [السلطانية] «٥» حتى يروا ما يكون