المؤذى حاجب الحجاب برمح أخرق شدقه، لزم منه الفراش مدة طويلة وأشرف على الموت، والأمير أسنبغا الطيارى أيضا من طعنة رمح أصابه فى ضلعه، وجماعة كثيرة من الخاصكية والمماليك يطول الشرح فى تسميتهم.
وعند ما انهزمت عساكر قرقماس أخذوا سنجقه وطلعوا به إلى السلطان، وفرّ قرقماس فلم يعرف أين ذهب؛ فتوهّم السلطان أنه توجّه إلى جهة الشام فندب الأمير آقبغا التمرازى فى جماعة إلى جهة الخانقاه، فسار إلى أن قارب المرج والزيّات، فلم يجد فى طريقه أثر أحد من العساكر، فعلم أن قرقماس اختفى بالقاهرة، فعاد.
وأما الزّعر، فإنهم لما رأوا الهزيمة على القرقماسية [٩٧] أخذوا فى نهبهم، ثم توجهوا إلى داره فنهبوها وأخذوا جميع ما فيها، وفى الحال سكنت الفتنة وفتحت الدكاكين، ونودى بالأمان والبيع والشراء. وأخذ أهل الحرس فى تتبع قرقماس وحواشيه، وندب السلطان أيضا جماعة من خواصه فى الفحص عن أمره، وما أمسى الليل حتى ذهب أثر الفتنة كأنها لم تكن، وبات الناس فى أمن وسلام.
وأما السلطان فإنه لما تحقق هزيمة قرقماس، قام من مجلسه بمقعد الإسطبل وطلع إلى القلعة مؤيدا منصورا كأول يوم تسلطن، فإنه كان فى بحران كبير من أمر قرقماس وشدة بأسه وعظم شوكته وجلالته فى النفوس. وقد كان [الملك]«١» الظاهر يتحقق أن قرقماس لا بد له من الركوب عليه، لحبه للرئاسة وتشغّب «٢» رأسه بالسلطنة، ولا يمكنه القبض عليه لاضطراب أمره كما هى أوائل الدول، فكان السلطان يريد مطاولته من يوم إلى يوم، إلى أن يتمكن منه بأمر من الأمور، فعجّل الله له أمره بعد شدة هالته عقبها فرج وأمن.
ولما أصبح يوم الخميس خامس شهر ربيع الآخر، عملت الخدمة السلطانية بالقصر