عساكره بها، يحصّنها ويقيم بها، فإن جاءه «١» عسكر هو قبيله، قاتله، وإن كانت الأخرى، انهزم أمامه بعد تحصين قامتها، وتوجّه «٢» إلى جهة بلاد التركمان، إلى أن يعود عنها من أتاها من العساكر، ولم يبق بها إلا من استنيب بها، [و]«٣» قدمها تغرى برمش وملكها منه، كما كان يفعله شيخ ونوروز مع الملك الناصر [فرج ابن برقوق]«٤» ، مع أن تغرى برمش هذا، كان أرسخ منهما قدما بتلك البلاد، لكونه كان تركمانيا، وله أموال جمة، وأكثر دهاء ومكرا، وإن كان شيخ ونوروز أعظم فى النفوس وأشجع، فليس هذا محلّ شجاعة وعظمة، وإنما هو محل تشويش وتنكيد. وتأييد ما قلته: أن [الملك]«٥» الظاهر جقمق، قلق لعصيان تغرى برمش [هذا]«٦» أكثر من عصيان الأمير إينال الجكمى نائب الشام الآتى ذكره، وأرسل [الملك]«٧» الظاهر خلفى وكلّمنى فى المحضر المكتتب فى حق تغرى برمش هذا قديما، من قتله لبعض مماليك الوالد، لما كان تغرى برمش المذكور بخدمة الوالد، على ما سيأتى بيانه فى [ذكر وفيات هذا الكتاب إن شاء الله تعالى]«٨» ، وكلّمنى الملك الظاهر فى أمر تغرى برمش بسبب المحضر وغيره، فلحظت منه ما ذكرته من تخوفه من طول أمر تغرى برمش المذكور معه- انتهى.
وكان أول ما بدأ به تغرى برمش أنه أخذ يستميل الأمير حطط نائب قلعة حلب، فلم يتم له ذلك، فأخذ يدبر على أخذ القلعة بالحيل، فأحسّ حطط وكلّم أمراء حلب بسببه، وانفقوا على قتاله، وبادروه وركبوا عليه بعد أمور وقعت يطول شرحها، ورمى عليه حطط من أعلى قلعة حلب؛ وركب الأمير بردبك العجمى الجكمى حاجب حلب، والأمير قطج من تمراز أتابك حلب، وجماعة أمراء حلب، وعساكرها، وواقعوه، فصدمهم بمماليكه صدمة بدد شملهم فيها، وانهزموا