إحسانه لهم، وتخوّلهم فى النّعم. وكانت هذه الوقعة فى يوم الثلاثاء عاشر شهر رمضان، بعد ما كان تغرى برمش حاصر القلعة ثلاثة عشر يوما وتلاحق عدة من أصحاب تغرى برمش ومماليكه به ولم يجد له قوة للعود إلى حلب لقتال أهلها، فسار بمن معه يريد طرابلس، وانضم عليه الأمير طر على بن صقل «١» سيز التركمانى بأصحابه، فلما قارب طرابلس لم يثبت الأمير [١٠٥] جلبان، وانهزم من طرابلس فى العاجل، إلى نحو الرملة حتى قدمها، وانضم على من كان بالرّملة من النواب وغيرهم. وكان جلبان أيضا من مقولة تغرى برمش فى القتال، غير أن أمره كان فى ستر لأمور لا تخفى على أحد، فدقت البشائر لذلك، وسر السلطان بهذا الخبر، وتعجب الناس من نكبة تغرى برمش المذكور، مع قوة أمره وكثرة جموعه.
ولما وصل جلبان إلى الرّملة واجتمع بالأمير إينال العلائى نائب صفد، والأمير طوخ مازى نائب غزة، والأمير طوغان العثمانى نائب القدس، اتفقوا على مكاتبة السلطان، فكتبوا له يستدعونه للسير بنفسه، بعد تجهيز العساكر بين يديه سريعا، وكان قدم بهذا الخبر صرغتمش السيفى تغرى بردى أحد مماليك الوالد، وهو يوم ذاك دوادار الأمير جلبان، فخلع عليه السلطان فى يوم الأحد تاسع عشرينه باستقراره دوادار السلطان بحلب، عوضا عن سودون النّوروزى بحكم انتقاله إلى حجوبية حلب، بعد بردبك العجمى المنتقل إلى نيابة حماه.
ثم فى هذا اليوم قدم الأمير جانبك المحمودى المتوجه بتقليد قانى باى الحمزاوى بنيابة طرابلس، بعد أن وصل إلى الرّملة ولم يتمكن من التوجه إلى حماه خوفا من إينال الجكمى، فأثار عند قدومه إلى القاهرة سرورا عظيما «٢» ، فإنه زعم أنه ظفر بكتب جماعة من الأمراء وغيرهم إلى العصاة ببلاد الشام، أوقف عليها السلطان، فتعجب السلطان من ذلك غاية العجب، فإنه كان من يوم جلس على