بعضهم وجعله فى المنجنيق ورمى به على تغرى برمش، ثم قتل جماعة منهم وجعل رؤوسهم على سور قلعة حلب، فلم يكترث تغرى برمش بذلك واستمر على ما هو عليه من حصار القلعة حتى أشرف على أخذها، فخوّفه بعض أصحابه من وثوب أهل مدينة حلب عليه وأشاروا عليه بأن ينادى لهم بالأمان، فأمر بذلك.
وكان بلغ أهل حلب أن تغرى برمش يريد يأمر التركمان بنهب حلب، فلما نودى بالأمان تحققوا ما كان قيل من نهب حلب، وألقى الله فى نفوسهم أن يركبوا عليه ويقاتلوه قبل أن يأمر بنهبهم. فثارت العامة وأهل حلب بأجمعهم «١» بقسيّهم وسلاحهم على حين غفلة، وساروا يدا واحدة واحتاطوا بدار السعادة وبه النائب تغرى برمش؛ وقد تقدم أن تغرى برمش المذكور كان جبانا غير ثابت فى الحروب، ضعيف القلب عند ملاقاة العدو، وليس فيه [سوى]«٢» جودة التدبير وحسن السياسة بحسب الحال، وبالنسبة لأمثاله من الجهلة فعندما بلغه وثوب أهل حلب عليه لم يثبت، وذهب فارّا يريد الخروج من المدينة، وسار حتى خرج «٣» من السور، وصار «٤» واقفا «٥» خارج السور فى نحو الأربعين فارسا تخمينا، وقد نهبت العامة جميع ما كان له بدار السعادة، من الخيول والأموال والسلاح وامتدت أيديهم إلى مماليك تغرى برمش وأتباعه يقتلونهم وينهبونهم.
وكان له المماليك الكثيرة المتجمّلة فى لبسهم وسلاحهم، غير أنهم كانوا على مذهب أستاذهم فى الجبن والخوف «٦» وعدم الثبات فى القتال، ولم يظهر لأحد منهم نتيجة فى هذا اليوم ولا فى يوم مصاففته للعسكر المصرى، بل هرب غالبهم وجاء «٧» إلى العساكر المصرية قبل وقوع القتال، وتركوا أستاذهم فى مثل ذلك اليوم مع عظم