وأكابر الدولة بذلك، فما منهم إلا من ظهر عليه الخوف والفزع. وماجت المملكة، وكثر الكلام، واختلفت الأقاويل فى أمر [الملك] »
العزيز وفراره، وفى أين توجّه.
وكان من خبر العزيز- على اختلاف النقول- أن الملك العزيز لما حبس بقاعة البربرية من الدور السلطانية «٢» ، أقرّ [الملك]«٣» الظاهر عنده دادته سرّ النّديم الحبشية ومعها عدة جوار أخر سرارىّ الملك العزيز، ومرضعته أيضا، ورسم لمرضعته أنها تخرج إلى حيث شاءت، وجعل القائم فى خدمة [الملك]«٤» العزيز لقضاء حوائجه طواشيّا «٥»
هنديا من عتقاء أمه خوند جلبان يسمى صندلا «٦» ، وسنّه دون العشرين سنة، فصار صندل المذكور يتقاضى [حوائج العزيز، ويقبض له ما رتّب له من النفقة من أوقاف أبيه، فاحتوى صندل على جميع أمور الملك العزيز، وعرف جميع]«٧» أحواله.
وكان عند الطواشى يقظة ومعرفة، وبقى كلما بلغه عن الملك العزيز شىء يبلغه له، فأشيع بالقاهرة أن السلطان يريد يرسل [الملك]«٨» العزيز إلى سجن الإسكندرية، ثم أشيع أنه يريد يكحله؛ فبلّغه صندل المذكور جميع ذلك، فخاف العزيز خوفا عظيما، ثم بلغه أن بعض علماء العصر أفتى بقتل العزيز صيانة لدماء المسلمين، من كونه مخلوعا «٩» عن الملك وله شوكة، والملك الظاهر متولّ ولم يكن له شوكة، فإن أبقى على العزيز ربما تثور شوكته ويقاتل السلطان، [١٠٦] فيقع بذلك الفساد وتسفك دماء كثيرة من المسلمين.