فلما بلغ العزيز ذلك- على ما قيل- حار فى أمره، فحسّن له صندل المذكور الفرار، فاستبعد العزيز وقوع ذلك، ثم وافقه. وكان للملك العزيز طباخ «١» يسمى إبراهيم من أيام والده، فداخله صندل فى الكلام بفرار العزيز، فأجابه إبراهيم المذكور أنه ينهض بذلك، ويقدر على خروجه من القلعة بحيلة يدبرها. ثم أمر إبراهيم الطباخ صندلا أن ينقب من داخل القلعة نقبا يصل إلى المطبخ المذكور، وأن إبراهيم ينقب من خارج المطبخ مقابله، فأمر العزيز جواريه بالنقب من داخل القلعة مساعدة للطباخ، حتى تهيأ ذلك. وتم هذا، وصندل يتحدث مع جماعة من المماليك الأشرفية فى مساعدة [الملك]«٢» العزيز إذا خرج ونزل من القلعة، فمال إلى ذلك جماعة: منهم طوغان الزّردكاش، وأزدمر مشدّ [الملك]«٣» العزيز أيام أبيه، فى آخرين من [المماليك]«٤» الأشرفية، وبذلوا لصندل الطاعة فى ذلك، ورغّبوه فى نزول الملك العزيز إليهم، واستحثوه على ذلك.
وتكلم طوغان الزّردكاش مع جماعة أخر من الأشرفية، فمال الجميع إلى نزوله إليهم، مع عدم الاتفاق مع أكابر الأشرفية، ولا تشاوروا فى ذلك، بل صاروا يحرضون [صندلا]«٥» على نزوله، ولم يعينوا له «٦» مكانا «٧» يجلس فيه إلى «٨» أن يفعلوا له ما هو قصدهم، فلم يعرّف صندل العزيز ذلك، بل صار يمليه بخلاف الواقع، إلى أن انتهى النقب المذكور.
فلما كان وقت الإفطار من ليلة الاثنين سلخ شهر رمضان من سنة اثنتين وأربعين، والناس فى شغل بالصلاة والفطر، أخرج الطباخ الملك العزيز من النقب عريانا مكشوف الرأس، فألبسه الطباخ من ثيابه ثوبا مملوءا بسواد القدور والأوساخ، وحمّله قدرا فيه