ثم ورد على السلطان فى يوم الأحد ثالث ذى الحجة، مطالعة الأمير جلبان نائب حلب، وقرينها مطالعات بقية الأمراء والنواب، تتضمن أن تغرى برمش، لما انهزم على حماة، مضى نحو الجبل الأقرع وقد فارقه الغادر بن نعير، فقبض عليه أحمد وقاسم ولدا صوجى، وقبض معه على دواداره كمشبغا، وخازنداره يونس، وعلى الأمير طرعلى بن سقل سيز والأمير صارم الدين إبراهيم بن الهذبانى نائب قلعة صهيون، وكتبوا بذلك إلى نائب حلب، فورد الخبر بذلك على العسكر، وهم على خان طومان، فى يوم الاثنين العشرين من ذى القعدة.
فجهز الأمير جلبان عند ذلك الأمير بردبك العجمى نائب حماة، والأمير إينال العلائى نائب صفد، والأمير طوخ مازى نائب غزة، والأمير قطج أتابك حلب، والأمير سودون النّوروزى حاجب حجاب حلب، لإحضار المذكورين، ورحل جلبان بمن بقى معه [يريد حلب، فدخلها فى يوم الثلاثاء حادى عشرين ذى القعدة المذكورة، وسار بردبك العجمى نائب حماة بمن معه]«١» إلى أن تسلّم تغرى برمش ومن ذكرنا ممن قبض عليه من أصحابه وأتوا بهم، فسمّر طر على بن سقل سيز تسمير سلامة، وسمّر الهذبانى ورفقته تسمير عطب، وساروا بهم، وتغرى برمش راكب على فرس بقيد حديد، حتى دخلوا به مدينة حلب، وهو ينادى عليهم فى يوم الخميس ثالث عشرينه، وقد اجتمع من أعدائه الحلبيين خلائق لا يعلم عدتها إلا الله، وهم من التّخليق بالزعفران والتهانئ، فى أمر كبير، وصاروا يسمعون تغرى برمش المذكور، من المكروه والسّب والتوبخ وإظهار الشماتة به أمورا كثيرة، حتى أوقفوهم تحت قلعة حلب، ووسّط الهذبانى ورفيقه، وتسلّم تغرى برمش وطرعلى الأمير حطط نائب قلعة حلب.
فانظر إلى هذا القصاص، وهو أن تغرى برمش لم يكن له فى الدنيا عدو أعظم من بردبك العجمى وحطط، ثم عامة حلب، وقد تمكّن الثلاثة منه، فأما بردبك فإنه